ومن المستقر في بدائة العقول: أن الإعادة أهون من الابتداء، ولهذا قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض} (¬5)، وإن كان للناس في قوله: {وهو أهون عليه} كلام ليس هذا موضعه. فإن قوله: {وله المثل الأعلى} كقوله: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} (¬6)، وهو بيان لأنه سبحانه لا يدخل هو والمخلوقات في قياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، ولا في قياس شمول يستوي أفراده، وإن كان من الناس من يزعم: أن اسم القياس لقياس الشمول حقيقة، وللتمثيل مجاز؛ كما يزعم ابن حزم (¬7) وغيره من أهل المنطق. ومنهم من يقول: بل اسم القياس للتمثيل حقيقة، ولقياس الشمول مجاز؛ كما يقوله الغزالي (¬1) وأبو محمد المقدسي (¬2) وغيرهما من أهل الفقه والأصول.
وأكثر الناس يجعلون القياس لهذا وهذا؛ كما يدل على ذلك كلام السلف، وعليه استعمال أكثر أهل العلم.
ومنهم من يسمي التمثيل: القياس الشرعي، والشمول: القياس العقلي، وهو غلط؛ كونه شرعيا وعقليا إنما هو نسبة إلى الجهة التي يعلم بها صحته، والقياس سواء علم صحته بالشرع أو بالعقل؛ فهو ينقسم إلى قياس شمول وقياس تمثيل.
والمقصود هنا: أنه سبحانه لا يدخل هو وغيره من المخلوقات تحت هذا القياس، ولا هذا القياس؛ فإنه {ليس كمثله شيء} (¬3)، ولهذا قال سبحانه: {فلا تضربوا لله الأمثال} (¬4)، {وله المثل الأعلى} كما أخبر في كتابه.
[نستعمل في حق الله تعالى قياس الأولى والأحرى]
مخ ۴۳