[فساد طريقة المتكلمين في إثبات الصانع]
ثم إنهم مع أنهم جعلوا أول ما يجب على من بلغ مسلما ما ينافي الإيمان الواجب عليه؛ حصروا إثبات الصانع في العلم بحدوث العالم، وحصروا إثبات حدوث العالم في إثبات حدوث الأجسام.
وإثبات الصانع له طرق تكاد تخرج عن الحصر؛ كلها أبين وأظهر من إثبات حدوث العالم.
وإثبات حدوث العالم له طرق أبين من إثبات حدوث الأجسام -لو كان طريقا صحيحا- لما فيه من التنازع والدقة؛ فكيف وهو أيضا طريق فاسد عند الأنبياء وأتباعهم، وعند أهل الفطر والعقول السليمة، وعند من خالفهم من الفلاسفة الإلهيين والطبعيين؛ كالمشائين أتباع أرسطو (¬1) وأمثالهم.
وبالجملة فطرق العلم بإثبات الصانع كثيرة؛ كلها أبين وأوضح من هذه الطريق، وهي براهين قاطعة لا تحتمل النقض؛ فلا حاجة في الإقرار بالصانع إلى العلم بحدوث العالم المبني على حدوث الأجسام، بل ولا إلى العلم بحدوث العالم ابتداء.
مخ ۵۴