وإنه ليجب على كل مصري صادق وعلى كل عثماني يخلص الحب لبلاده أن يحبط أعمال الذين يبثون الدسائس بين مصر والدولة العلية، ويلقون بذور الشقاق بين جلالة الخليفة الأعظم وسمو الخديوي الأفخم، فإن أولئك العاملين على خلق الشحناء والبغضاء بين المتبوع والتابع لأشد خصوم الدولة، وألد أعدائها.
كتاب من «محمد علي» أمير مصر إلى «لويس فيليب» ملك فرنسا
نأتي هنا على ترجمة كتاب أرسله عزيز مصر إلى ملك فرنسا بشأن حوادث الشام ومسألة الخلاف بينه وبين الدولة العلية، وكنا قد نشرناه في جريدة المؤيد الغراء عقب خطبة ألقيناها بالإسكندرية، وأشرنا فيها إليه.
ومن هذا الكتاب يعرف القارئ حقيقة أفكار المرحوم «محمد علي باشا» وأمياله وقت الأزمة السالفة الذكر.
القاهرة في 16 رمضان سنة 1256 هجرية، نوفمبر سنة 1840
أيها الملك العظيم، إني أشعر بالحاجة لإظهار شكري لجلالتكم، ذلك الشكر الذي يجيش في صدري.
فلقد ألقت نحوي حكومة جلالة الملك من أمد بعيد أنظار رعايتها، واليوم تتوج جلالتكم مآثرها علي بإعلانها للدول أن وجودي السياسي ضروري للموازنة الأوروبية.
وإن هذه العواطف الجديدة من شأنها أن تحدد لي واجبات أعرف القيام بها، وأول هذه الواجبات هو أن أوضح لملك فرنسا بكل صراحة أسباب سلوكي الحالي واحدا بعد آخر.
لقد كانت في سائر الأزمان سعادة الدولة العثمانية أصدق أمنية أتمناها من صميم فؤادي؛ حيث أنا أود أن أراها دائما سعيدة قوية آمنة، وكانت قصارى آمالي ومرامي أنظاري موجهة نحو مساعدتها على أعدائها أولا، والمحافظة على كل ما ملكته يدي بعد المجاهدات العظيمة في سبيل الدفاع عنها ثانيا.
أما الذي حببني نحو فرنسا - وأقول ذلك بكل صراحة - وحملني على اتباع نصائحها دائما، فهو ما تبينته من أنها أكثر الحكومات رغبة في خير الدولة العثمانية بلا خديعة ولا مواربة ولا شائبة قصد سيئ، وكذلك أرجو أن تعتقد جلالتكم أن حبي لبلادي هو الذي كان دائما الدافع لي والقائد لزمامي.
ناپیژندل شوی مخ