============================================================
المسائا المشكلة كذلك. وذلك قول القائل: إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل(1) وكقول الله تعالى: عوان بين ذلكل [البقرة: 68]، (وذلك) واقع على غير شيء ألا ترى: أنه أشير به إلى ما تضمن الآية من الفروض والبكارة.
فأما ما اعتلوا به من أنه لما لم يقل: حبذا، حتى يتبع الممدوح، فلا يلزم من أجله أيضا أن يكون الفعل مبنيا مع الاسم. ألا ترى أنه لا يجوز أيضا أن تقول: نعم الرجل، حى تتبعه بالممدوح المخصص نحو: زيد، وما أشبهه، وليس (نعم) مبنيا مع (الرجل)، وإن كان كذلك، فكذلك (حبذا) لا يلزم فيه أن يكون الفعل مبنيا مع الاسم.
فأما قوله عز وحل: نعم العبد [ص: 30]، وقولك: نعم الرجل، فإنما جاز، لتقدم الذكر، ومن أجل ذلك جاز الحذف من اللفظ: ولو جرى ذكر فقلت: حبذا، وحذفت المخصص بالمدح في اللفظ، لكان (حب) في هذا كنعم. فأما ما ذكروه من الفصل، فلا يوحب بناءهما. ألا ترى: أنك لا تفصل بين (نعم) و (الرجل) في قولك: نعم الرجل، ونعمت المرأة. وليس واحد منهما ببني مع الفعل.
فإن قلت: فقد قال: لإبئس للظالمين بدلا) [الكهف: 50] فإن هذا الفصل لم يقع بين الفاعل والفعل ألا ترى: أه جاء بعد ما مضى الفاعل مضمرا في الفعل.
وأيضا فإنك لا تفصل بين (ما) في التعجب والفعل الذي هو خبره نحو: ما أحسن زيدا. وليس يوجب امتناعك من الفصل بينهما كون الاسم مبنيا مع الفعل، فكذلك (حبذا) لا يجب أن يكون مبنيا، وإن لم يفصل بينها.
وهذا التأويل كأنه أقرب، لأنا لم نحد الاسم يبى مع الفعل(2) كما يبنى الحرف مع الاسم(2)، والاسم مع الاسم(4)، وإن قامت على بنائه معه دلالة؛ أتبع ولم يدفع.
(1) البيت منسوب إلى عبد الله بن الزبعرى، انظر: سيرة ابن هشام 96/3، وشرح المفصل 2/3، 3.
(2) قال أبو بكر بن السراج: بنى (حب) وهو فعل مع (ذا) وهو اسم. انظر: الأصول 145/2.
(3) مثل: لاجل. انظر: الأصول لابن السراج 145/2.
(4) مثل: حمسة عشر. انظر: الأصول بن السراج 144/2.
مخ ۶۶