وفائدة البرهان ظهور الحق وحصول اليقين.
(وأما المشهورات والمسلمات): فهى مقدمات القياس الجدلى.
(وأما الأوليات) وما معها: لو وقعت فى الجدل كان أقوى ولكن انما يستعمل فى الجدل من حيث أنها مسلمة بالشهرة إذ لا تفتقر صناعة الجدل إلى أكثر منه وللجدل فوائد.
(الأول): إفحام كل فضولى ومبتدع يسلك غير طريق الحق ويكون فهمه قاصرا عن معرفة الحق بالبرهان فيعدل معه إلى المشهورات التى يظن أنها واجبة القبول كالحق، وبطل عليه رأيه الفاسد.
(الثانى): أن من أراد أن يتلقن الاعتقاد الحق وكان مرتفعا عن درجة العوام ولا يقنع بالكلام الخطابى الوعظى، ولم ينته إلى ذروة التحقيق بحيث يطيق الاحاطة بشروط البرهان فانه يمكن أن يغرس فى نفسه الاعتقاد الحق بالأقيسة الجدلية، وهو حال أكثر الفقهاء وطلبة العلم.
(الثالث): أن المتعلمين للعلوم الجزئية مثل الطب، والهندسة وغيرهما لا يذعن أنفسهم أن يعرفوا مقدمات تلك العلوم ومبادئها هجوما بالبرهان في أول الأمر ولو صودرواعليها لم تسمح نفوسهم بتسليمها فتطيب نفوسهم لقبولها بأقيسة جدلية من مقدمات مشهورة إلى أن يمكن تعريفها بالبرهان.
(الرابع): أن من طباع الأقيسة الجدلية أنه يمكن أن ينتج منها طرفا النقيض فى المسألة فاذا فعل ذلك وتأمل موضع الخطأ منهما وبما انكشف له وجه الحق بذلك التفتيش، ويكفى هذا القدر من صناعة الجدل، وإلا فهو كتاب برأسه، ولا حاجة إلى الاشتغال بحكاية ذلك.
(وأما الوهميات والمشبهات): فانها مقدمات الأقيسة المغالطية ولا فائدة لها أصلا إلا أن تعرف لتحذر وتتوقى وربما يمتحن بها فهم من لا يدرى أنه قاصر فى العلم أو كامل حتى ينظر كيف يتقصى عنه وإذ ذاك يسمى قياسا امتحانيا وربما يستعمل فى إفضاح من يخيل إلى العوام أنه عالم ويستتبعهم فيناظر بذلك بين أيديهم ويظهر لهم عجزه عن ذلك بعد أن يعرفوا فى الحقيقة وجه الغلط حتى يعرفوا به قصوره فلا يعتدون به وعند ذلك يسمى قياسا عناديا.
(وأما المشهورات فى الظاهر، والمظنونات، والمقبولات): فتصلح أن تكون مقدمات للقياس الخطابى والفقهى، وكل ما لا يطلب به اليقين. فلا يخفى فائدة الخطابة فى استمالة النفوس وترغيبها فى الحق وتنفيرها عن الباطل، وكذا فائدة الفقه، وفى الخطابة كتاب برأسه ولا حاجة إلى حكايته.
(وأما المخيلات): فهى مقدمات الأقيسة الشعرية فان استعملت الأوليات وما معها فى الخطابة أو الشعر لم يكن استعمالها إلا من حيث الشهرة والتخيل وما وراء ذلك فليس بشرط فيها وليس يحتاج إلا إلى البيان البرهانى ليطلب، والمغالطى ليتقى فلنقتصر فى الحكاية عليها.
ناپیژندل شوی مخ