ثانيا: أصحاب الأهواء والمبتدعة الذين كانوا يضعون الأحاديث نصرة لمذاهبهم. وقد قال عبد الله بن يزيد المعرى عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول: انظروا هذا الحديث ممن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا.216 قال حماد بن سلمة : حدثنا شيخ من الرافضة قال: كنا إذا اجتمعنا واستحسنا شيئا جعلنا له حديثا .217
ثالثا: طلاب الدنيا: وهم القصاصون. قال ابن قتيبة:
إن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العامة إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الحديث. وكان من شأن العوام القعود عند القصاص ما كان حديثه عجبا خارجا عن فطر العقول أو رقيقا يحزن القلوب ويستغرز العيون، فإذا ذكر الجنة زعم أن الله يبوئ وليه قصرا من لؤلؤة بيضاء فيه سبعون مقصورة في كل مقصورة سبعون ألف قبة في كل قبة سبعون ألف كذا... كأنه يرى أنه لا يجوز أن يكون العدد فوق السبعين ولا دونها.218
وروى ابن حبان في كتاب المجروحين عن مؤمل بن إهاب قال: قام رجل يحدث ويزيد بن هارون قاعد، فجعل يسأل الناس فلم يعط. فقال: ثنا يزيد بن هارون عن شريك عن المغيرة عن إبراهيم قال: إذا سأل السائل ثلاثة فلم يعط فليكبر عليهم ثلاثا وجعل يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر فلما سئل يزيد بن هارون قال: كذب علي الخبيث ما سمعت بهذا قط. 219
رابعا: جهال العباد وضعوا الأحاديث في الترغيب والترهيب ليحثوا الناس بزعمهم على الخير ويزجروهم عن الشر. ومضمون فعلهم على حد قول ابن الجوزي أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة فهم يتمونها.
وقد قال ابن مهدي لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث (من قرأ كذا فله كذا...)؟ قال: وضعتها أرغب الناس فيها.
وكان أبو داود النخعي أطول الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار وكان يضع الحديث وضعا.220
مخ ۶۷