وكذلك لا توجد أدلة على وقوع الوضع في خلافة أبي بكر وعمر. ولا شك أن كثرة الصحابة الكبار ووحدة الأمة في هذه الفترة المبكرة منعت من ظهور الوضع في الحديث في تلك الفترة. إلا أن الفتن التي جرت بعد ذلك والتي أثرت في تشقق بناء الأمة وأسفرت عن مقتل الخليفة عثمان رضى الله عنه ثم أدت بعد ذلك إلى موقعة الجمل وصفين والنهروان كانت هي مبعث نشوء الأحزاب السياسية كالخوارج والشيعة. وكان بعض هذه الأحزاب يلجأ إلى وضع الأحاديث للدفاع عن معتقداتهم إذ لا تسعفهم نصوص القرآن والسنة الصحيحة. ومنذئذ انفتحت أبواب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان الوضاعون على أصناف ذكرها في قوله:
بغضا لدينه ونيل السول أ/18
من دنيا والجهل نصر مذهب أو لاحتساب الأجر كالمرغب ج/20
على العبادات كقرآن سور بوضع فضلها فذا النوع أضر
فأصناف الوضاعين تبين الموضوعات التي تطرقوا إليها وهي كما يلي:
أولا: الزنادقة: وكانوا يحاولون انتقاص السنة وتشويه معالمها والوضع من مكانتها عند أرباب العقول، فكانوا يتسترون بالإسلام ويبطنون له ولأهله العداء.
ومن أمثلة ما وضعوه حديث (إن الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل فأجراها حتى عرقت ثم خلق نفسه من ذلك العرق).213
ومن ذلك حديث (خلق الله تبارك وتعالى الملائكة من شعر ذراعيه وصدره أو من نورهما).214
وهكذا وضعت الزنادقة هذه الأحاديث بغية إثارة استهجان العقلاء وسخرية الملحدين والانتقاص من العقيدة الإسلامية المبرأة من التشبيه والتجسيم.215
مخ ۶۶