ومن المهم أيضا أن نلاحظ أن الرياضة قد بدأت بالاستقراء. فبه تمكن المساحون المصريون القدماء من إثبات أن المثلث الذي أبعاده 3، 4، 5 هو مثلث قائم الزاوية. وقد حلل الرياضيون اليونانيون في مدرسة فيثاغورس هذه الخاصية، «واكتشفوا سببها» وهو أن 3
2 + 4
2 = 5
2 ، ولما مضوا في التحليل أبعد من ذلك، توصلوا إلى مقابل النظرية المسماة بنظرية فيثاغورس، وهو: المثلث الذي يكون مربع أحد أضلاعه مساويا لمجموع مربعي الضلعين الآخرين، هو مثلث قائم الزاوية، ثم توصلوا إلى نظرية فيثاغورس ذاتها: مربع وتر المثلث قائم الزاوية يساوي مجموع مربعي الضلعين الآخرين .
وقد اكتشفت نظريات كثيرة في الهندسة، أقرب إلينا من هذه، عن طريق الاستقراء. فما يروى عن جاليليو أنه لما أراد معرفة العلاقة بين مساحة القوس الدائري وبين مساحة الدائرة التي اقتطع منها، وهي العلاقة التي تكهن بأنها بسيطة وثابتة، قطع السطحين على لوح تام متجانس تماما ومصنوع من النحاس، ووزنهما. وبعده بفترة وجيزة، سار ديكارت ثم باسكال في طريق التحليل، واكتشفا البرهان بطريقة منظمة، وكذلك الحال في نظريات عميقة في الحساب، فقد ذكر الرياضي فيرما
Fermat (1601-1665م) بعض القضايا المتعلقة بأعداد من أنواع خاصة، ولم يأت لها ببرهان - ومنها ما لم يهتد أحد إلى البرهنة عليه حتى الآن. ولكن منها ما أثبت التحليل العددي، الذي مضى فيه الباحثون بصبر وأناة بقدر كاف، أنه باطل، وعلى ذلك فإن «فيرما» لم يكن يعرف البرهان عليها؛ بل اكتفى بالاهتداء إليها عن طريق استقراء ثبت بطلانه.
ديكارت وضع الخطوط العامة لمنطق التحليل والتركيب
كان ديكارت هو الذي أدرك، في نفس الوقت الذي كشف فيه عن نظرية علم الطبيعة الرياضي، أن هذا العلم الجديد يقتضي منطقا جديدا، أو كما يقول «منهجا» جديدا. وقد صاغ ديكارت هذا المنهج أولا في كتابه. «قواعد لإرشاد العقل
Regulae ad diréctioném ingenii »، الذي كتبه لنفسه، ووجد بعد وفاته ضمن كتاباته (ولا بد أن تاريخ كتابته كان عام 1628م) كما صاغها بعد ذلك بمزيد من الإيجاز في «المقال في المنهج
Discours de la méthode »
ناپیژندل شوی مخ