216

المعدوم ، إذا اعيد أو فرض إعادته ، فلا يخفى أنه يمكن حينئذ فرض أن يوجد حينئذ موجود آخر أيضا وليس هو بمعاد ، بل موجود مبتدأ يكون هو مثلا للمعدوم المعاد لو وجد بدله أو معه ، أي أن يكون مماثلا له في الحدوث والموضوع والزمان وغير ذلك من الأحوال والصفات ، ولا يخالفه إلا بالعدد أي بالشخص وإلا في النسبة التي ينبغي أن ينظر أنهما هل يمكن أن يختلفا فيها أم لا كما سيأتي بيانها إذ لا يخفى أن فرض وجود المثل بهذا المعنى غير ممتنع وكذا المفروض.

وحينئذ نقول : إما أن يكون كل واحد من المثل المبتدأ وما فرض كونه معادا ، منسوبا إلى الموجود السابق الذي فرض انعدامه ثم عوده ، بأن يكونا عينه أو لا يكون شيء منهما منسوبا إليه كذلك ، أو يكون واحد منهما كالمعاد منسوبا إليه دون الآخر أي المثل المبتدأ.

وعلى الأول فيكون كل منهما معادا وعين السابق وهذا باطل. لأن المفروض أن واحدا منهما معاد دون الآخر.

وأيضا يلزم أن يكون شيئان اثنان عين شيء واحد وهو باطل. وأن لا يكون بين الاثنين فرق أصلا مع فرض الاثنينية ، وهو أيضا باطل.

وعلى الثاني فيكون كل منهما موجودا مبتدأ ولا يكون شيء منهما معادا ؛ هذا خلف.

وعلى الثالث فنسأل ونقول : لم صار ما هو المفروض معادا منسوبا إلى الموجود السابق بالعينية ولم يصر المثل المفروض منسوبا إليه بالعينية مع تشابههما من كل وجه إلا في العود ، وما وجه الفرق بينهما في ذلك؟ فان اجيب بأنهما كانا كذلك لأنهما كانا كذلك ، فهو مصادرة على المطلوب ، وأخذ المطلوب في بيان نفسه.

وإن اجيب بأن المعاد حين الإعادة صار عين الموجود السابق ، لأنه كان قبل الإعادة وفي حال العدم عين الموجود السابق الذي عدم ، وكذا هو كان غير المثل الذي وجد حينئذ ، فينعقد هنا خبران إيجابيان : أحدهما أن المعاد حين العدم كان غير المثل المستأنف ، ولا يخفى أن الحكم في كل من الخبرين حكم واقعي حكم فيه بأمر واقعي أي العينية الواقعية في الأول ، والمغايرة الواقعية في الثاني على المعدوم وحال العدم ، فإنه قد حكم فيهما حكما ثبوتيا واقعيا كما هو المفروض بأن المعدوم في الواقع حال كونه معدوما

مخ ۲۶۵