215

بأدنى تأمل فيما تلوناه عليك.

وحيث ذكرنا أن المراد بالإيجاب وما هو الغرض الأصلي منه الإيجاب في الواقع ، وإن عبر عنه بالسلب ، كذلك المراد بالسلب وما هو الغرض الأصلي منه السلب في الواقع ، وإن عبر عنه بالإيجاب المحض أو بالعدول ، ظهر منه ،

أن قولنا : المعدوم المطلق لا يخبر عنه ، خبر سلبي كما عرفت. وكذلك قولنا : اجتماع النقيضين محال ، وشريك البارئ ممتنع. إلى غير ذلك من الأخبار الكذائية كلها أخبار سلبية ، إذ الغرض الأصلي فيها سلب الوجود والشيئية ونفي الجواز والإمكان ، وإن عبرت بالمحمولات الإيجابية صورة أو بالعدولية ، فكلها لا يقتضي سوى وجود الموضوع في الذهن ، وجودا فرضيا اختراعيا.

وأن قولنا : المعدوم يعاد أو يمكن أن يعاد أو يصح أن يعاد ، أو نحوه ، خبر إيجابي ، إذ المقصود الأصلي منه الإيجاب والإثبات ، وإن عبر فيه عن المحمول بأمر سلبي ، كقولنا : المعدوم لا يمتنع عوده ، وأنه لو كان هذا الخبر ونحوه صادقا ، اقتضى من جهة كونه إيجابا ثبوت الموضوع في الواقع ، كثبوت المحمول فيه ، فتثبت ولا تتخبط ، والله أعلم بالصواب.

ثم إنك إذا أحطت خبرا بما تلونا عليك اتضح لك بطلان قول من يقول : إن المعدوم يعاد ، أو يصح أن يعاد ، أو يمكن أن يعاد ونحو ذلك ، لأنه خبر إيجابي ، بل أول شيء يخبر عنه أي أول خبر إيجابي اخبر فيه عن المعدوم. أما أنه خبر إيجابي ، فظاهر ، لأنه لا سترة في أن المحمول فيه أمر ثبوتي ، المقصود إثباته للمعدوم. وأما أنه أول خبر كذلك ، لأن الإخبار فيه ، إنما هو بالإعادة. أي بثبوت الوجود الثانوي للمعدوم ، وكما أن الوجود نفسه أول بالنسبة إلى سائر الصفات والأحوال المثبتة للشيء ، كذلك الإخبار به أول بالنسبة إلى الإخبار بسائر الصفات والأحوال. وحينئذ نقول : إن المخبر عنه في هذا الخبر الإيجابي إما ما هو معدوم مطلق ، فذلك باطل ، لأن المعدوم المطلق كما مر بيانه لا يخبر عنه مطلقا حتى الخبر السلبي ، فكيف يمكن أن يخبر عنه بالإيجاب كما فيما نحن فيه. وإما هو معدوم في الخارج أو الواقع ، موجود في الذهن فيكون مفاد الخبر أن المعدوم في الخارج أو الواقع يعاد أو يمكن أن يعاد في الواقع عودا واقعيا ، وحينئذ نقول مطابقا لما في التعليقات : إن

مخ ۲۶۴