وأما رابعا ، فلأن انتفاء الموانع أو الآفات صالحة لذلك ، قوله : إنها عدمية ، قلنا : إن عنيتم بها العدم المطلق فهو ظاهر البطلان ، وإن عنيتم بها عدم الملكة فله حظ من الوجود ، فجاز أن يكون علة في الإدراك الذي هو أمر نسبي لا تحقق له عينا.
وأما خامسا ، فلأن الوجود صالح لذلك ، قوله : التضاد في المقتضي يستلزم التضاد في الاقتضاء ، قلنا : مذهبكم إن الوجود زائد على الماهيات وإنه متماثل فكيف يصح منكم هذا في الوجود؟ نعم لو عللنا بالماهية لزم ما ذكرتم.
واما سادسا ، فلأنا لو سلمنا أن الوجودين متضادان لكن لا نسلم أن تضاد العلة يقتضي تضاد المعلول ، وقد أسلفنا في هذا قانونا.
وأما سابعا ، فلم لا يجوز أن يكون الحياة علة لذلك بشرط أحد هذه الأمور التي عددتموها او غيرها.
واما ثامنا ، فلو سلمنا جميع ما ذكرتموه ، لكن جاز أن يكون حياة الله تعالى مخالفة لحياتنا ، فلا يلزم اشتراكهما في المقتضى ، فهذا خلاصة ما يقال عليهم.
وأما النافون للزائد ، فاحتجوا بأن الإدراك إن كان غير العلم ، فإن كان هو الإحساس استحال تحققه في ذاته تعالى ، وإن كان غيره فهو غير معقول.
وهذا ضعيف ، لأنه إن عني بعدم المعقولية استحالة اتصافه تعالى به كما يقال كون الجسم مجردا غير معقول ، فهو نفس المتنازع فلا يصادرون به ، وإن عني به عدم التعقل فإنه لا يصح منهم نفيه ، فإن النفي يستدعي التعقل كما يستدعيه الثبوت.
واحتجوا أيضا بأنه لو كان مدركا لجاز أن يدرك بعده ان لم يكن مدركا فيتغير.
والجواب أن التغيير في التعلق فلا يلزم منه التغيير في الصفات الحقيقة.
واحتجوا أيضا بأنه يلزم أن يكون ملتذا متألما من حيث أنه يدركهما.
والجواب إن اللذة والألم نوعان من الإدراك لا يتحققان إلا بتحقق الشهوة والنضرة المستحيلين في حقه تعالى.
مخ ۲۸۵