212

البحث الثاني

في بيان وجوده تعالى

لما بطل الدور والتسلسل قلنا : إن هاهنا موجودا بالضرورة ، فهو إما واجب او ممكن ، فان كان الأول فهو المطلوب ، وان كان الثاني فلا بد له من مؤثر ، فإما أن يدور او يتسلسل وهما باطلان ، او ينتهي الى الواجب.

وهذه الطريقة هي أشرف الطرق وأمتنها وهي طريقة الأوائل.

وللمتكلمين طريقة أخرى قوية هي أن الأجسام محدثة فلا بد لها من محدث ، فإن كان ذلك المحدث قديما فهو المطلوب ، والا لزم تسلسل الحوادث وهو محال ، لأن حادثا ما إن كان أزليا لزم التناقض والا فالكل حادث.

ولمشايخ المعتزلة طريقة أخرى ضعيفة هي أن أفعالنا كالقيام والقعود محتاجة إلينا لحدوثها فيكون مشاركها في الحدوث محتاجا الى المؤثر أما الأول فلحصولها عند خلوص الداعي وانتفائها عند خلوص الصارف فهي إذن محتاجة إلينا ، وعلة الحاجة هي الحدوث لأنها إما هو او العدم او البقاء ، والأخيران باطلان لأن العدم ليس بعلة ولا معلول والباقي مستغن.

وأما الثانية فلولاها لزم نقض العلة وهو محال.

وهذه الحجة ضعيفة قد تعلمت ضعفها وضعف أمثالها فيما سلف (1).

واعلم أن الوجود عند مشايخ المعتزلة أمر زائد على الذات وأن المعدوم ثابت ، فهذه الحجة تدل على ثبوته لا على وجوده عندهم ، واستدلوا على وجوده بأنه تعالى قادر فله تعلق بالمقدور والمعنى بالتعلق أمر لأجله يختص كونه قادرا

مخ ۲۵۸