============================================================
1166مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار وكما أن من لم يراجع الطبيب ولم يعالج العلة زادته العلة مرضا على مرض، كذلك من لم يراجع النبي لم يتدارك الشك باليقين، والنفاق بالاخلاص، والعناد بالتسليم، والرأى والهوى بالاتباع والتحكيم، والتكبر على الأمر بطاعة أولي الأمر، وطول الأمل بذكر الأجل، والحرص والبخل والحسد بالقناعة والسخاء والتوكل، وحبت الشهوات الدنية الدنياوية بحب اللذات الدينية الأخروية، زاده الله مرضا على مرض؛ ومن تدارك زاده الله يقينا على يقين. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوىا وطول الأمل؛ فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة."(449) فبين أن أصل الأدواء والأمراض النفسانية هو اتباع الهوى وطول الأمل، وهو الطبيب المطلع على أسباب العلل والأمراض، العارف بمعالجة العقول والنفوس، وعنده عقاقير الصدور والقلوب، كما قال أميرالمؤمنين علي -رضي الله عنه -في وصفه -صلوات الله عليه -: "طبيب دوار بطبه قد أحكم مراهمه واحمى مواسمه: يضع من ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي، واذان صم وألسنة بكم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة -69آ، ومواطن الحيرة."(450) قوله -جل وعز: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون() اللغة [و]التفسير قال أهل اللغة: "إذا" حرف توقيت، وهي تؤذن يوقوع الفعل المنتظر، وفيها معنى الجزاء.
كأنك قلت: وحين قيل لهم؛ ويوم قيل لهم؛ والكناية عن المنافقين: وموضع "إذا" من الاعراب نصب: لأنه اسم الوقت؛ وهو ظرف الزمان؛ و"قيل" كان في الأصل قول؛ فنقلت كسرة الواو إلى القاف؛ فسكنت الواو وانكسر ما قبلها؛ فصارت ياء. والكسائي يشمه وأخواته مثل: حيل وسيق بالضم ليدل على أنه كان في الأصل فعل.
والمعنى: وحين قيل للمنافقين أو اليهود: لاتفسدوا في الآرض بالنفاق والكفر ومنع الناس من الآيمان والقرآن وإيراد الشبهة الباطلة على المؤمنين. قال ابن عباس: قالوا إنما نحن مصلحون، ولم يكونوا مصلحين، كما قالوا لأصحاب محمد: إنا مؤمنون ولم بكونوا ليتهنل
مخ ۲۳۲