231

============================================================

نفسير سورة البقرة /165 قولهم أمنا: وقرا الباقون بالتشديد، أي بتكذيبهم. قال أبو عمرو: إنما عوتبوا على التكذيب لا على الكذب؛ ولغيره ان يقول: عوتبوا عليهما جميعا.

ولما كانت هذه الآياتا لبيان أحوال المنافقين اتصل بعضها ببعض: وظهر وجه النظم فيها بذكر اسباب النفاق وسوء عاقبته.

الأسرار ثم إن المرض في القلوب هو المرض في النفوس؛ وذلك أن الأمراض تنقسم إلى أمراض جسمانية، وهو خروج المزاج عن الاعتدال واتصافه بالاعتلال، وإلى أمراض نفسانية وهو خروج العقل عن الاعتدال واتصافه بالشك والضلال؛ وكما أن المزاج إنما يبقى على اعتدالا الطبيعة إذاكان الغذاء موافقا، والآفات الطارئة مندفعة، كذلك النفس إنما تبقى على اعتدال الشريعة إذاكان الغذاء حقا وصدقا، والآفات الطارئة من الأخلاق مندفعة؛ وكما أن الأمراض الجسمانية إذا لم تتدارك بحسن التدبير أفضت بصاحبها إلى الهلاك، كذلك الأمراض النفسانية إذا لم تتدارك بالتوبة والتطهير افضت بصاحبها إلى الخسران المبين والعذاب الأليم. -68 ب وتلك الأمراض البدنية مبادئها معلومة؛ ومبادي الأمراض النفسانية: الشك، والنفاق، والجحود، والعناد بالراي، والهوى، والاستبداد، والتكبر على الأمر وصاحب الأمر، واتباع الهوى، وطول الأمل، والحرص الشديد على طلب الجاه والمال، والبخل، والشح المطاع، والفحشاء والمنكر، والبغي، والحسد والحقد، والعداوة، وحب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، والاستكثار مماقل منه خير مماكثر، والاستقلال مماكثر منه خير مما قل، وأمثال ذلك؛ فتمرض بها النفس ويموت بها القلب فيخبر عنه التنزيل بأنهم أموات غير احياء: فيمرضون وهم اصحاء، وبموتون وهم احياء، وفي اذانهم وقرو هم يسمعون، وعلى ابصارهم غشاوة وهم يبصرون، وبألسنتهم بكم وهم ينطقون: (صم بكم عمي فهم لايغقلون).

1. في الهامش عنوان: النظم.

ليتهنل

مخ ۲۳۱