============================================================
1156مفاتيح الأسرار ومصابيح الآبرار وسر آخر: أن التضاد والترتب جاريان في الديانات جريانها في الموجودات، وأن الله تعالى لما ذكر المؤمنين الأبرار في صدر السورة أعقبه بذكر الكافرين الأشرار؛ فكما ذكر مراتب خصال المؤمنين وذكر مصدرها أنه هداية الكتاب الذي لاريب فيه، كذلك ذكر معاطب خلال الكافرين والمنافقين وذكر مصدرها أنه الختم الذي يصدر منه كل ريب: فتقابل الفريقان تقابل الحق والباطل، والنور والظلمة، والخير والشر، والإخبار والإسرار: وكما لايصير الباطل حقا ولاتنقلب الظلمة نورا ولايتبدل الشرخيرا كذلك: (سواء عليهم أ انذورتهم أم لم تنذزهم لايؤمنون): وهذا إنما يكون في نفوس الأشرار التي هي في طباعها اشرار؛ والتكليف في جانبهم لا ليصيروا من الأبرار، ولكن ليتميزوا عن الآبرار؛ وهذه الطريقة مينية على قاعدة متينة وهي إثبات التضاد بين النقوس والعقول؛ فإنها متباينة بالخير والشر، متنافرة بالعرفان والنكر، كما قال -صلى الله عليه وآله - : "الأرواح جنود مجندة؛ فما عارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.(441)" فقد أشار إلى التضاد والترتب في الأرواح والنفوس؛ وأما التضاد فلأجل تعارفها وتناكرها: وأما الترتب فلأجل تجنيدها إلى ملك ووزير ومدبر للملك ومشير؛ ومراتب الجنود معلومة وذلك موزون بميزان الحق والباطل، صحيح على وضع الميزان. ثم الباطل إذا أبدى صفحته فقد تحقق الناس منه. فاسواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذزهم لايؤمنون" و(سواء عليكم أدعوتموهم أم أنثم صامتون )؛ ويحق التكليف عليهم بالانذار والدعوة ليميز الله الخبيت من الطيب بالتكليف، ويظهر ما كان مستورا بالتعريف: وهذا شرح الحكم المفروغ وبيانه في المستأنف؛ فإن المفروغ إنما يظهر في المستأنف؛ والتقدير إنما يظهر بالتكليف: (فليغلمن الله الذين صدقوا وليغلمن -64 ب - الكاذبين): وعلمه تعالى هذا علم تمييز وإعلام بعد التكليف و الافتتان.
وكما تحقق في الناس أخيار وأشرار على الاطلاق كذلك تحقق فيهم أتباع الأخيار وأتباع الأشرار؛ وهم على حد الإمكان مائلون للكفر والايمان؛ فالتكليف في حقهم لترجيحا احد الطرفين وهو الإيمان على الطرف الثاني وهو الكفران؛ ولهذا انفسم الكافرون إلى المغضوب عليهم والضالين؛ فالشر بر الذي لا برجى إبمانه هو المغضوب عليه؛ والذي ليتهنل
مخ ۲۲۲