============================================================
تفسير سورة اليفرة /155 باقي والخبر بأنه: "سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون) حاصل؛ فكيف وجه الجمع بين الأمر والخبر؟! وبالخبر لم يرنفع التكليف عن المنذر بالانذار، وعن المنذر بالقبول: والأشعري ظن أنه لما التزم تكليف ما لايطاق ولم يقل بتقبيح العقل فيه فقد نجا من الزام التناقض عليه؛ إذ كان تقدير خطاب المكلف: إفعل يا من لايفعل؛ وتقدير خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنذر من لايؤمن قط، ولايقبل الانذار قط؛ وأنذر من طبع على قلبه وسمعه؛ فلايفهم ولايسمع؛ والمعتزلى ظن [أنه] لما حمل الطبع والختم على الجزاء فقد نجا من تقبيح العقل فيه: وإنما ينفعه ذلك إذا أخرجه من دار التكليف؛ فإن كان في دار التكليف والخطاب بالايمان وقبول الانذار لم ينقطع عنه لزمه ما لزم الأشعري من التناقض وزيادة تقبيح العقل على موجب مذهبه؛ فما الخلاص؟ ولات حين مناص.
ومن لم ير الكونين ولم يعرف الحكمين فهو في كل مسألة أعور بأي عينيه شاء؛ ومن أخذ العلم من أصله وبصره بالكونين - أعني كون المفروغ وكون المستأنف - علم أن الخطاب بالانذار حكم المستأنف، وهو ليس ينقطع في دار التكليف، وأن الخبر عن عدم قبول الانذار بالختم حكم المفروخ، وهو ليس ييطل في عالم التقدير؛ والحكمان من حيث الصورة يتناقضان، ومن حيت المعنى يتوافقان: وهماكحكم موسى والعالم - عليهما السلام-، وكحجتي ادم وموسى في السماء، والخبر معروف، وكإشارتي المصطفى -صلى الله عليه وآله - في قوله: "اعملوا وكل ميسر لما خلق له" (440). فقوله -عليه اللام - "اعملوا" إشارة إلى حكم التكليف، وهو المستأنف: وقوله: "وكل ميسر لما خلق له"، إشارة إلى حكم التقدير، وهو المفروغ.
ثم إنه -صلى الله عليه وآله - في امتثال حكم المستأنف كان يبالغ في المداومة على الانذار اناء الليل والنهار، حتى قال سبحانه: (فلعلك باخع نفسك على آتارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) -64آ-، ( لعلك باخع نفسك أن لايكونوا مؤمنين)؛ وهو -صلى الله عليه سلم- في رؤية حكم المفروغ كان يستشعر اليأس منهم، حتى قال سبحانه: "فلعلك تارك بغض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لؤلا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك انما أنت نذير والله على كل شيء وكيل".
ليتهنل
مخ ۲۲۱