المسألة الأولى: في كلمة (وبعد) كلمة (وبعد): كلمة يؤتى بها للانتقال في الكلام من أسلوب إلى أسلوب آخر، ليحصل بذلك التخلص من الاقتضاب الذي هو الانتقال من أسلوب إلى أسلوب بلا مناسبة بينهما، وأصلها (أما بعد) بدليل لزوم الفاء في خبرها لتضمن (أما) معنى الشرط، وإنما لزمت الفاء بعدها ولم تلزم في بقية أدوات الشرط لأنها لما ضعفت بالنيابة تقوت بذلك، والأصل مهما يكن من شيء، ف(مهما) مبتدأ والاسمية لازمة له، و(يكن) شرط، والفاء لازمة له وهي تامة، وفاعلها شيء بجعل (من) زائدة في الإثبات على قول، أو ضمير مستتر عائد على (مهما)، والمجرور بيان للجنس.
واعترض الأول: بخلو الخبر عن الرابط. وأجيب: بأنه مقدر أي شيء معه.
واعترض الثاني: بأن البيان يجب أن يكون أخص من المبين، وهو هنا مساو له.
وأجيب: بأن محل وجوب الخصوص في البيان إذا لم يرد به التعميم، وإلا جاز فيه المساواة بما هنا. ثم إن الواو في (وبعد) يحتمل أن تكون نائبة عن (أما)، وبها ألغز بعضهم في قوله:
وما وأولها شرط ... يليه ... جواب قرنه بالفاء ... حتما
وأجاب بعضهم:
هي الواو التي قرنت ... ببعد ... وأما أصلها والأصل ... مهما
ويحتمل أن تكون عاطفة لقصة على قصة والعامل في الظرف محذوف أي وأقول، والفاء زائدة على هذا.
ويستحب الإتيان بأما في الخطب والمكاتبات اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي بها في خطبه ومراسلاته. قيل: وهي فصل الخطاب الذي أوتيه داود - عليه السلام - .
مخ ۶۰