أما الحمد: فإنه مأمور به مطلقا، قال - صلى الله عليه وسلم - : «من لم يحمد الناس لم يحمد الله».
قال الفخر أيضا: ووجهه أن الحمد لا يكون إلا على الجميل، ولا جميل إلا لما وافق الشرع، فكل ثناء وافق الشرع فهو ثناء على جميل، وهو الحمد، ولا يصح النهي عن الثناء على فعل وافق الشرع، فإن خالف الثناء الشرع فليس بحمد، وتوضيح ذلك أن المدح /13/ يكون على الجميل فلا ينهى عنه، ويكون على غير الجميل فينهى عنه، والحمد لا يكون إلا على الجميل فلا يصح أن ينهى عنه، والله أعلم.
الوجه الرابع: إن المدح عبارة عن القول الدال على كونه مختصا بنوع من أنواع الفضائل؛ وأما الحمد فهو القول الدال على كونه مختصا بفضيلة معينة، وهي فضيلة الإنعام والإحسان، وهذا إنما يتم على مذهب من جعل الحمد مختصا بالأفعال الجميلة الاختيارية، وقد تقدم أنه في حق الله تعالى لا يختص بذلك، بل يكون الحمد له تعالى على جميع صفاته الذاتية والفعلية، وأما في حق الخلق فذلك ظاهر.
وبيانه: أن الحمد في حق الخلق لا يكون إلا ثناء على الإنعام والإحسان، فهي فضيلة خاصة بمن فعل ذلك.
وأما المدح: فيكون لفضيلة في الممدوح، سواء كانت الفضيلة إنعاما أو غير إنعام، سواء كانت فضيلة في الشرع أو فضيلة في اعتقاد المادح فقط، ولهذا ثبت النهي عن المدح في مواضع، فثبت بهذه الوجوه إذا سلمت أن المدح أعم من الحمد.
وأما الشكر: فقيل: هو ثناء بسبب إنعام وصل إلى ذلك القائل.
وقيل: الحمد على ما رفع الله من البلاء، والشكر على ما أعطى من النعماء.
مخ ۲۳