102

فقال الأستاذ في ظرف: أوحشتنا يا سيد جابر!

فضحك جابر عند الطرف الآخر من التليفون وأجابه قائلا: وماذا أصنع؟ لم تصلني الدعوة إلا بعد عودتي إلى المنزل. اسمع يا أستاذ عطية! باختصار لا تقيد نفسك في هذا المساء بأي موعد.

فقال الأستاذ: عظيم! كتب كتابك؟

واستمر الحديث بعد ذلك بضع دقائق تخللتها بعض فكاهات طريفة.

ثم وضع الأستاذ السماعة. وكان مجمل ما قاله جابر بك أن أكد عليه ألا يقيد نفسه بموعد آخر، وأنه سيمر عليه في الساعة الثامنة مساء. وهز الأستاذ عطية رأسه متعجبا من غرابة أطوار صديقه وعاد إلى فراشه وهو يقول لنفسه: عظيم!

ثم أغمض عينيه.

ولما جاءت الساعة الثامنة مساء آخر الأمر سمع الأستاذ عطية بوق السيارة عند الباب، وكان ما يزال يستعد لاستقبال صديقه. فأسرع بلبس حذاءه وطربوشه ونزل يقفز فوق الدرج حتى خرج إلى الطريق.

وكانت الليلة باردة من ليالي الشتاء التي اشتدت فيها الريح، أو هي على التحقيق ليلة عيد الميلاد من سنة 1951. كانت الريح تهب في عنف، والظلام يغالب أنوار المصابيح الغازية الخافتة التي في الطريق الضيق. ووقف الأستاذ أمام السيارة حاملا طربوشه في يده حتى لا يقع من هبات الهواء.

وسأل صاحبه: إلى أين؟

فصاح به جابر من داخل السيارة: أسرع ولا تضيع الوقت. أيعجبك الوقوف في هذا الهواء؟

ناپیژندل شوی مخ