104

ماثر سلطانيه

المآثر السلطانية

ژانرونه

والخلاصة أن كاترين بهذا المعنى وبهذا التدبير قد اشترت حياة طائفة روسيا ودولة زوجها بالذهب، وقد ذهب بطرس للمرة الثانية أيضا [ص 102] فى صورة أخرى للسياحة إلى النمسا والممالك الأفرنچية الأخرى، ومن هناك رجع إلى باريس ومنها عاد إلى ولايته، وجهز جيشا عظيما، وأنشأ المراسى والسفن الحربية فى الموانئ الروسية، وشيد القلاع، وزاد فى عمران الولاية، ومنع أهالى روسيا من الاعتقادات الفاسدة وأدخلهم فى الدين المسيحى، ووضع القوانين التى تستخدمها الدولة، وشيد المدن والعمائر وأجرى العيون وأصلح الأنهار من أجل عبور السفن والملاحة، وقد كان كريم الطبع وحادا فى تنفيذ سياسته، وكانت زوجته كاترين تضع مراهم اللطف وحسن الطبع على جروحه، وكان يشرب الخمر فى شبابه وتركها فى النهاية، وكان له ولد باسم" ألكس" الذى كان يقضى أوقاته فى اللهو واللعب والفساد وغرور الشباب وعلى خلاف أخلاق والده، كالرماد المتبقى من النار، وكان يخالف دائما أحكام وأفكار والده، ولم يكن فى هيئة صاحب ملك وسلطان، فقد كان يتعلل ويتسوف بإهمال وتمارض فى تنفيذ كل حكم كان يصله من والده، وعلى الرغم من أن والده كان يهدده ويخوفه بسبب أفعاله غير الملائمة، فلم تكن مفيدة معه، وكان بطرس قد ذهب للمرة الأخيرة إلى فرنسا فى زى مختلف، وجعله نائبا عنه فى مكانه، ولما رأى والده بعيدا عنه ترك ولايته، وبقى ما يزيد عن العام فى ولاية إيطاليا، ولم يكن أحد مطلعا على مكانه، وعاد والده من السياحة، وأرسل رجلا فوجده وأحضره إلى موسكو، وفى حضور أهل الدين المسيحى والقساوسة وكبار ولاية روسيا تبرأ من ابنه، وأفتى حكام الشرع بفتوى عقلية بقتله، ثم خلطوا له السم القاتل فى طعامه وطووا بساط عمره، وأجلس بطرس الكبير زوجته كاترين مكانه، وسلك هو طريق الآخرة وكانت كاترين امرأة شجاعة وذكية وخبيرة وعاقلة ورخيمة الصوت ومهتمة بالفقراء والرعية وبالإنصاف وبالمروءة، وكانت تأمر بالعفو عن الرعايا والشخصيات الضعيفة غير القادرة على أداء ضريبة الديوان، وفى تلك الفترة [ص 103] استمالت المشردين عن الوطن- الذين كان بطرس قد بعثهم- وطمأنتهم وأحضرتهم ثانية إلى الوطن، وأعطت من الخزانة مرتبات الجيش لعدة شهور والتى كانت متبقية لهم، وفتحت أبواب الرحمة والرأفة على وجه خلائق العصر، وكانت لها صداقة ومعاهدة مع ملك النمسا، فكان كل منهما فى كل وقت يمد الآخر بجيش عند الضرورة، واستمالت طائفة القوزاق الذين كانوا غير راضين عن بطرس وودتهم وعطفت عليهم، وأضافت من ملك التتار ومرداق إلى ملك روسيا، ولم تعمر طويلا، وعند الوفاة أجلست على العرش" ألكس بطرس الثانى" الذى كان حفيد بطرس الأول وبدلت هى العرش بالتابوت. ووصل ألكس إلى السلطنة فى الثانية عشرة من عمره، وبعد ثلاث سنوات مات بمرض جلدى. وفى سنة ألف ومائة وخمسين هجرية صعدت إلى عرش السلطنة " كوين آن" ابنة إيوان الذى كان الابن الثانى لبطرس الأول، وفى ذلك الوقت «1» قدم محمود الأفغانى إلى إصفهان وألقى بمحاصرة الشاه سلطان حسين الصفوى، الذى أرسل ابنه طهماسب ميرزا إلى الخارج لكى يجد وسيلة لأمرهم، وكما وقع من الدولة العثمانية أيضا تداخل وتطاول على مملكتى العراق وأذربيجان، ولما لم يكن لإيران فى ذلك الوقت ملك على العرش ولم يكن لساحة تلك المملكة صاحب فقد نقضت أيضا جماعة الروس العهد، وبلغوا بأنفسهم أطراف رشت، وفتحوا حملة التدخل والفساد وتوسل طهماسب ميرزا إليهم من أجل حيلة لأمره، وقتل الأفغان الشاه سلطان حسين الصفوى وخرج نادر شاه الأفشارى من خراسان، فأخرج الأفغان والعثمانيين من العراق وأذربيجان وأخلى ساحة إيران من وجود الجيش الأجنبى، وأخضع الهند والتركستان، ومن أجل إتمام الحجة أرسل رسالة ورسولا إلى حكومة روسيا، ولما كان مدبرو أمر تلك المملكة على اطلاع كامل بمدى سطوته وقسوته، أبطلوا الخطة التى كانوا قد أعدوها وأغلقوا الحملة التى كانوا قد فتحوها فى رشت ودربند، وتوجهوا إلى ديارهم، كما توجهت" كوين آن" أيضا إلى طريقها [ص 104] ووضعوا اسم السلطنة على اسم" إيوان" الطفل ابن العامين والذى كان ابن أخت كوين آن وبعد ذلك فتنت بالسلطنة إليزابث ابنة بطرس الأول، فسممت الطفل المذكور وبعدها أودعت هى أيضا السلطنة إلى بطرس الثالث، وفى سنة ألف ومائة وسبعة وسبعين هجرية أصبح بطرس الثالث الملك، وقد كان سخيف الرأى سيئ الطبع، ولم يكن أهل مملكته راضين عنه، وعندما مر على حكمه ستة أعوام قتل على يد أهالى روسيا، وأجلسوا مكانه زوجته التى كانت مسماة بكاترين الثانية وهى ابنة ملك النمسا، وكانت امرأة صاحبة عزم وجزم وعقل وفطنة ورأى وتدبير، وقد حكمت خمسة وعشرين عاما، وكانت ذات عظمة وشوكة كاملتين، وكانت ميالة إلى أمور الخير، وقد بذلت المساعى فى انتظام الدولة الروسية، فأبدلت الدين المسيحى، أى أنها ألغت الأمر الذى كان مخالفا للشرع والقواعد الملكية الروسية، ووضعت مكانه التقاليد والأداب الطيبة والتى تفيد الشعب وتناسبه، وكما وضعت أساس النزاع مع الدولة العثمانية، وأضافت إلى مملكة روسيا ولاية طائفة كريمية «1» - الذين كان لهم مكان واسع وكانوا خاضعين لدولة الروم (الدولة العثمانية) - مع جزيرة اليونان والتى يقال لها مدينة، وبعد ذلك رضيت دولة الروم (العثمانية) طوعا أو كرها بألا يعترض حراس موانيها السفن الروسية وتعبر دون ممانعة وبأن يدخلوا من هناك سفن المحاربين والتجار الفرنچه إلى البحر، وقسمت ولاية روسيا إلى عدة أقاليم، وسلمت كل إقليم إلى حاكم، وأسست دار الشفاء فى موسكو، وأخرجت عين المياه العذبة، ونصبت صورة بطرس الأول على قمة جبل.

وفى سنة ألف ومائة وثمان وتسعين، أعلن أركلى خان (هرقل) والى الكرجستان ولاءه وطاعته لها، وأنشأت فى [مدينة] بطرسبورج مدرسة لأطفال النجباء ومدرسة أخرى لدراسة العلوم وتصنيف الكتب والتربية والتعليم ، وكانت تعطى مصروفاتها من حسابها، وقد بنت فى كل مدينة المدارس الأولية (الابتدائية)، وكان كل طفل ينبغ فى كل صنعة كان يصبح موضع إنعامها وإحسانها، وأنشأت مدرسة أخرى فى بطرسبورج من أجل [ص 105] صناعة السفن وعلم حرب البحار، وأنشأت طريق موسكو إلى بطرسبورج على نحو يسير بسهولة، وأنفقت على ذلك الطريق من خزانتها أربعة كرورات «2» أشرفية «3» (مليونى أشرفى)، وأضافت خمسين ألف أشرفى زيادة على نفقات مدارس موسكو.

مخ ۱۳۸