فلما سمع الملك الكلام من المؤبذ عمل في نفسه، واستيقظ من نومه، وأفكر فيما خوطب به، فنزل من ساعته، ونزل الناس وخلا بالمؤبذ، فقال له: أيها القيم بأمر الدين، والناصح للملك على ما أغفله من أمور ملكه، وأضاعه من أمور بلاده ورعيته، ما هذا الكلام الذي تخاطبني به؟ فقد حرك مني ما كان ساكنا، فقال المؤبذ: صادفت من الملك السعيد جدة وقت سعادة البلاد والعباد فجعلت الكلام مثلا، وموقظا على لسان الطائر عند سؤال الملك إياي عما سأل، فقال الملك:أيها الناصح، أكشف لي عن هذا العرض ما المراد به؟ فقال: أيها الملك، إن الملك لا يتم إلا بالشريعة، والقيام لله بطاعته، ولا قوام للشريعة إلا بالملك، ولا عز للملك إلا بالرجال، ولا قيام للرجال إلا بالمال، ولا سبيل للمال إلا بالعمارة، ولا سبيل للعمارة إلا بالعدل، والعدل هو الميزان المنصوب بين الخليقة، [نصبه الرب] وجعله[الله] قيما بين عبيده.
فقال الملك: أما ما وصفت فحق، فأبن لي فيما إليه تقصد وأوضح لي في البيان؟
مخ ۱۳۴