يحذف مسند لما تقدما = والتزموا قرينة ليعلما أقول: يتعلق بالمسند أبحاث، البحث الأول في حذفه، ويكون للنكت الماضية في حذف المسند إليه، فمنها الاحتراز عن العبث أي الإتيان بما لا فائدة فيه للعلم به نحو: زيد في جواب من قام، وقوله:
ومن يك أمسى بالمدينة رحله = فإني وقيار بها لغريب
الرحل: هو المنزل والمأوى وقيار اسم فرس للشاعر، وهو ضابئ بن الحرث فالمسند إلى قيار محذوف لدلالة خبر ما قبله عليه، ولضيق المقام بسبب التوجع والاختصار، ولحفظ الوزن أيضا، ومن ذلك {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي} والأصل لو تملكون تملكون فحذف الفعل احترازا عن العبث لوجود المفسر فانفصل الضمير، وليس أنتم مبتدأ وما بعده خبر بل فاعل لفعل محذوف كما رأيت، لأن لو لا تدخل على الاسم، ويشترط للحذف قرينة تدل على المحذوف كوقوع الكلام جوابا لسؤال محقق أو مقدر فالأول نحو {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} أي خلقهن الله، فحذف المسند بدليل التصريح به في الآية الأخرى في قوله {ليقولن خلقهن العزيز العليم} فهو فاعل لا مبتدأ، والثاني نحو:
ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطوائح
والمختبط الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة، وتطيح من الإطاحة وهي الإذهاب والإهلاك، فالطوائح جمع مطيحة على غير قياس فمختبط معطوف على ضارع، ومقصود الشاعر أنه ينبغي أن يبكي على يزيد رجلان ذليل لكونه الناصر له، وفقير أصابته حوادث الزمان فأهلكت ماله وأذهبته، لأنه كان ناصر كل ذليل وجابر فقر كل فقير، وهذا على قراءة ليبك بصيغة المبني للمجهول، ولو قرئ بصيغة المبني للفاعل، ويزيد مفعول مقدم، وضارع فاعل مؤخر لم يكن مما نحن بصدده. قال:
وذكره لما مضى أو ليرى = فعلا أو اسما فيفيد المخبرا
أقول: البحث الثاني في ذكره، وذلك للنكت الماضية في ذكر المسند إليه من كون الذكر الأصل مع عدم المقتضي للعدول عنه.ومن الاحتياط لضعف التعويل على القرينة.
مخ ۶۲