ومهمه مغبرة أرجاؤه = كأن لون أرضه سماؤه أقول: من خلاف مقتضى الظاهر التعبير عن المعنى المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه نحو {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض} أي يفزع ونحو {أتى أمر الله} أي يأتي ومنه التعبير باسم الفاعل أو المفعول نحو {وإن الدين لواقع} {ذلك يوم مجموع له الناس} لأن الوصفين المذكورين حقيقة في الحال مجاز فيما سواه، ومن خلاف المقتضى القلب: وهو أن يجعل أحد جزأي الكلام مكان الآخر نحو عرضت الناقة على الحوض أي أظهرته عليها لتشرب مكان عرضت الحوض على الناقة لأن القاعدة أن المعروض عليه يكون له ميل إلى المعروض، والحوض مما يميل إليه الحيوان فيعرض هو على الحيوان لا الحيوان عليه، واختلف في قبوله فقيل يقبل مطلقا لأنه يورث الكلام ملاحة، وقيل لا يقبل مطلقا لأنه عكس المطلوب ونقيض المقصود، والحق ما عليه الأصل، وهو التفصيل، فإن تضمن معنى لطيفا قبل، وإلا فلا، فالأول نحو قوله:
ومهمه مغبرة أرجاؤه = كأن لون أرضه سماؤه
والأصل: كأن لون سمائه لغبرته لون أرضه أي كلونها، والنكتة فيه المبالغة في وصف لون السماء بالغبرة حتى صار بحيث يشبه به لون الأرض في ذلك مع أن الأرض أصل فيه، والمهمه المفازة، والمغبرة المملوءة غبارا والأرجاء: النواحي جمع رجى بالقصر كرحى، والثاني نحو قوله:
فلما أن جرى سمن عليها = كما طينت بالفدن السياعا
يصف ناقة بالسمن والفدن القصر والسياع الطين المخلوط بالتبن، والأصل كما طينت بالسياع الفدن، وليس في هذا القلب معنى لطيف.
قال: الباب الثالث : المسند
أقول: أخره عن المسند إليه لأنه فرع عنه ومسوق لأجله، لأن المسند إليه محكوم عليه، والمسند حكم، والثاني مؤخر عن الأول.والمقصود من هذا الباب بيان الأحوال العارضة للمسند من حيث كونه مسندا، كالحذف والذكر وغير ذلك. قال:
مخ ۶۱