والوجه الاستجلاب للخطاب = ونكتة تخص بعض الباب أقول: من خلاف مقتضى الظاهر الالتفات وهو عند الجمهور التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة أعني التكلم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بغيره منها ولا يشترط التعبير عنه بالغير على مذهب السكاكي، فهو عنده أعم منه عند الجمهور فقول الخليفة أمير المؤمنين نأمرك بكذا التفات على مذهبه لأنه منقول عن أنا لا على مذهب الجمهور لعدم تقدم خلافه، فأقسامه ستة حاصلة من ضرب اثنين في ثلاثة، لأن كل قسم من الثلاثة ينقل إلى قسمين:
الأول من التكلم إلى الخطاب نحو {ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} الأصل وإليه أرجع.
الثاني منه إلى الغيبة نحو {إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر} الأصل فصل لنا.
الثالث: من الخطاب إلى التكلم نحو قوله:
طحا بك قلب في الحسان طروب = بعيد الشباب عصر حان مشيب
يكلفني ليلى وقد شط وليها = وعادت عواد بيننا وخطوب
الشاهد في بك ويكلفني بالياء التحتية والأصل يكلفك. الرابع منه إلى الغيبة نحو {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} الأصل بكم.
الخامس من الغيبة إلى الخطاب نحو {مالك يوم الدين إياك نعبد} الأصل إياه نعبد.
السادس منها إلى التكلم نحو {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه} الأصل فساقه ووجه الالتفات ونكتته استجلاب نفس السامع للخطاب: أي الكلام المخاطب به لأن النفس مجبولة على حب المتجدد ، فإذا تجدد الكلام إلى أسلوب كان أدعى للإصغاء إليه، وهذه النكتة عامة في جميع أقسام الالتفات وربما اختص كل موضع منه بلطائف ونكت كالفاتحة، فإن العبد إذا ذكر الله وحده ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال، وآخرها مالك يوم الديني المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء فحينئذ يوجب الإقبال عليه والخطاب بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات وهو معنى قوله ونكتة الخ.
ومما هو شبيه بالالتفات وليس منه مسألتان ذكرهما السيوطي في عقود الجمان:
مخ ۵۹