الجلوس إلى جانبي؟ قال: يا أمير المؤمنين، وجدت في حكمة لقمان مما أوصى به ابنه أن قال له: يا بني، إذا قعدت إلى ذي سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجلٍ، فلعله أن يأتيه من هو آثر عنده منك، فيريد أن تنحَّى «١» له عن مجلسك، فيكون ذلك نقصًا عليك وشينًا.
قال المدائني: قال زيد بن علي ﵄ لأصحابه: أوصيكم بتقوى الله، فإن الموصي «٢» بها لم يدخر نصيحة، ولم يقصر في الإبلاغ. فاتقوا الله في الأمر الذي لا يفوتكم منه شيء وإن جهلتموه؛ وأجملوا في الطلب، ولا تستعينوا بنِعَم الله على معاصيه. وتفكروا وأبصروا: هل لكم قِبَلَ خالقكم من عمل صالح قدَّمتموه فشكره لكم؟ فبذلك جعلكم لله تعالى أهل الكتاب والسنة، وفضلكم على أديان آبائكم. ألم يستخرجكم نُطفًا من أصلاب قوم كانوا كافرين، حتى بثكم في حجور أهل التوحيد، وبث من سواكم في حجور أهل الشرك؟ فبأي سوابق أعمالكم طهَّركم؟ إلا بمنّه وفضله الذي يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
كان أبو الدرداء ﵁ يقول لأصحابه: لا تكلفوا «٣» من أمور الناس ما لم تُكلَّفوا «٤»، ولا تحاسبوهم دون ربهم تعالى. ابن آدم، عليك نفسك: فإنه من يُكثِر تتبُّع الناس لما يرى في أيديهم يطل حزنه، ويكثر فكره، ولا يُشْفَى «٥» غيظه.
قال معاذ بن جبل ﵁ في وصيته: إنه لا بد لك من نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج. فابدأ بنصيبك من الآخرة فخذه، فإنه سيمر على نصيبك من الدنيا فينتظمه انتظامًا، ويزول «٦» معك حيث مازلت.
1 / 16