Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية
ایډیټر
سيف الدين الكاتب
خپرندوی
دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر
المسجد، إلى زمن الوليد بن عبد الملك - لا يدخل أحد اليه، لا لصلاة هناك، ولا تمسح بالقبر، ولا دعاء هناك. بل هذا جميعه إنما كانوا يفعلونه في المسجد(١٦).
وكان السلف من الصحابة والتابعين إذ سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة، ولم يستقبلوا القبر.
وأما الوقوف للسلام عليه، صلوات الله عليه وسلامه، فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة أيضاً، ولا يستقبل القبر.
وقال أكثر الأئمة: بل يستقبل القبر عند السلام خاصة، ولم يقل أحد من الأئمة إنه يستقبل القبر عند الدعاء.
وليس في ذلك إلا حكاية مكذوبة تروى عن مالك، ومذهبه بخلافها.
واتفق الأئمة على أنه لا يتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقبله.
وهذا كله محافظة على التوحيد. فإن من أصول الشرك بالله: اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى: ﴿وقالوا لا تَذَرُنَّ آلهتكم، ولا تَذَرُنُ ودا، ولا سُواعا ولا يغوثَ ويعوقَ ونسراً﴾(١٧) قالوا: ((هؤلاء كانوا قوماً صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها)) وقد ذكر البخاري في صحيحه هذا المعنى عن ابن عباس. وذكره محمد بن جرير الطبري وغيره في التفسير عن غير واحد من السلف وذكره ((وثيمة)) وغيره في قصص الأنبياء من عدة طرق. وقد بسطت الكلام على أصول هذه المسائل في غير هذا الموضع.
(١٦) ذلك أن الأعمال الصالحة كالصلاة والسلام والثناء عليه (صلى الله عليه وسلم) وإكرامه وذكر محاسنه وفضائله يمكن إتيانها في سائر الأماكن، ويكون لفاعلها ما تستحقه من الأجر والمثوبة.
(١٧) سورة نوح / ٢٣
24