74

کفاح طیبه

كفاح طيبة

ژانرونه

فصاح خنزر قائلا: أرى الغرور يعميك عن معرفة قدر نفسك، فظننت أن انتصارك على القائد رخ مسوغا للوقوف أمامي .. فوا رحمتاه لك أيها الشاب الغرير! ماذا تختار أن يكون سلاحك؟

فقال أحمس وقد ارتسمت على فمه ابتسامة ساخرة: السيف إذا شئت!

فقال خنزر وهو يهز منكبيه العريضين: هو أعز الأصدقاء.

ونزل خنزر عن ظهر جواده وأسلم قياده إلى تابعه، ثم سل سيفه وأمسك بترسه، ففعل أحمس مثله ووقفا صامتين يفصل بينهما مقدار ذراع، ثم تساءل أحمس: هل نبدأ؟

فقال خنزر ضاحكا: ما أجمل هذه المواقف التي تتكاشف فيها الحياة والموت، هلم يا فتى!

فتوثب الملك وهاجم خصمه الضخم بشجاعة ووجه إليه ضربة شديدة تلقاها الحاكم على ترسه. ثم رد عليه الهجوم وهو يتكلم قائلا: يا لها من ضربة صادقة يا إسفينيس، وما أظن إلا أن رنين سيفك على ترسي ينشد لحن الموت .. مرحى .. مرحى إن صدري يرحب برسل الموت، فطالما طمع الموت، وأنا ألعب بين مخالبه، ثم يرتد عني خائبا وقد أدرك آخر الأمر أنه إنما حضر لغيري.

وكان الرجل يقاتل دون أن يكف عن الكلام كأنه راقص ماهر يغني وهو يرقص، فأدرك أحمس أن خصمه عنيد شديد البأس، فولاذي العضلات، واسع الحيلة، خفيف الحركة، جبار في الكر والفر؛ فبذل كل ما لديه من قوة ودراية، وتفادى من الضربات الموجهة إليه وهو يعلم أنها ضربات قاتلة لا نجاة منها إذا أصابت هدفها، ولكنه تلقى ضربة بترسه أحس ثقلها، ورأى خصمه يبتسم في ثقة وطمأنينة فاهتاجه الغضب والحنق ووجه إليه ضربة هائلة تلقاها الرجل بدوره على ترسه وكان يسيطر على أعصابه وإرادته، فسأل أحمس: أين صنع هذا السيف المتين؟

فقال له أحمس وقد تمالك نفسه كذلك: في نباتا في أقصى الجنوب.

فقال الرجل وهو يتفادى ضربة شديدة وجهت إليه بمهارة فائقة: أما سيفي فقد صنع في منف بأيدي صناع مصريين .. وما كان صانعه يعلم أنه يقدم لي ما أقضي به على مليكه الذي تاجر وقاتل في سبيله، فقال أحمس: ما أسعده غدا إذا علم أنه كان شؤما على عدو بلاده!

وكان أحمسن يتحين الفرصة لهجوم عنيف، فما كاد يتم كلامه حتى وجه إلى خصمه الجبار ثلاث ضربات متوالية بسرعة خاطفة، فتحاماها خنزر بدرعه وسيفه ولكنه اضطر إلى أن يتقهقر خطوات، فقفز عليه الملك وهاجمه هجوما قاسيا ووجه الضربة تلو الضربة إلى مقاتله، وأدرك خنزر خطر المصير، فكف عن مداعبة خصمه وأطبق فمه، وزال عنه الابتسام فقطب جبينه ودافع هجمات عدوه بقوة جبارة وبسالة هائلة، وأبدى من ضروب المهارة والشجاعة ما يفوق كل تصور، وأصاب ذباب سيفه خوذة أحمس، فظن الرعاة أنه قضى على عدوهم العنيد فتعالى هتافهم حتى تساءل أحمس هنيهة: «ترى هل أصبت؟» ولكنه لم يحس تخاذلا ولا وهنا، فاستجمع وضرب عدوه ضربة قوية عنيفة عرض لها ترسه فصكته بقسوة فتركه يسقط من يده متضعضعا وقد ارتج ساعده، وتعالى الهتاف من الجانبين بين فرح وغضب، وتوقف أحمس عن القتال ونظر إلى خصمه مبتسما ابتسامة الظفر، وكان الآخر يشهر سيفه ويتأهب للقتال بغير ترس، فما كان من أحمس إلا أن خلع ترسه ورمى به جانبا، فبدت الدهشة على وجه خنزر ونظر إليه نظرة غريبة وهو يقول: يا له من نبل حقيق بأخلاق الملوك!

ناپیژندل شوی مخ