77

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خپرندوی

دار صادر

د خپرونکي ځای

بيروت

تقطعت أوصاله وتناثر الدُّود من لَحْمه وَطَالَ عَذَابه وَاسْتمرّ الْحجر عِنْدهم نَحْو عشْرين سنة طَمَعا أَن يتَحَوَّل الْحَج إِلَى بلدهم وبذل لَهُم يحكم التركي مُدبر الْخلَافَة خمسين ألف دِينَار فِي ردّ الْحجر فَأَبَوا وَكَذَلِكَ أرسل الْمَنْصُور بن الْقَائِم بن الْمهْدي العبيدي إِلَى أَحْمد بن سعيد أخي طَاهِر بِخَمْسِينَ ألف دِينَار ليَرُدهُ فَلم يفعل وَلما أَيِست القرامطة من تَحْويل الْحَج إِلَى بلدهم ردُّوهُ وَحَمَلُوهُ على جمل هزيل فسمن وَلما ذَهَبُوا بِهِ إِلَى بلدهم مَاتَ تَحْتَهُ أَرْبَعُونَ جملا وَقَالُوا أخذناه بِأَمْر ورددناه بِأَمْر وَقد طَال الْكَلَام وَهُوَ وَإِن كَانَ خَارِجا عَن الْمَقْصُود فَفِيهِ عِبْرَة لمن اعْتبر واتعاظ بِحَال من مضى وغبر ولنعد لما نَحن بصدده وَفِي سنة ثَمَانِي عشرَة وثلثمائة حج الإِمَام أَحْمد بن عِيسَى وَمن مَعَه من بني عَمه ومواليه وَلم يَتَيَسَّر لَهُم التوطن بِأحد الْحَرَمَيْنِ وسألوا الله أَن يخْتَار لَهُم مَا يرضاه من الْبِلَاد ثمَّ رَأَوْا أَن إقليم الْيمن سَالم من المحن والفتن فِي ذَلِك الزَّمن مَعَ مَا ورد فِيهِ من الْأَحَادِيث كَقَوْلِه عَلَيْكُم بِالْيمن إِذا هَاجَتْ الْفِتَن فَإِن قومه رَجَاء وأرضه مباركة وللعبادة فِيهِ أجر كَبِير وَأول مَدِينَة أَقَامَ بهَا مَدِينَة الهجرين وَهِي من مَدِينَة تريم على نَحْو مرحلَتَيْنِ ثمَّ سكن قارة بني جشير بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ يَاء تحتية ثمَّ رَاء تَصْغِير جشر بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الرجل الْغَرِيب وَلم تطب لَهُ فَرَحل عَنْهَا الى الحسيسة بِضَم الْحَاء وَفتح السينين الْمُهْمَلَتَيْنِ بَينهمَا تحتية مُشَدّدَة مَكْسُورَة وَهِي قَرْيَة على نصف مرحلة من تريم واستوطنها وَأقَام بنصرة السّنة حَتَّى استقامت بعد الاضمحلال وطلعت شمسها بعد الزَّوَال وَأظْهر أُمَامَة الامام الشَّافِعِي بنشر مذْهبه وأقعد النّسَب الْهَاشِمِي فِي أَعلَى رتبه وَتَابَ على يَدَيْهِ خلق كثير وَرجع عَن الْبِدْعَة إِلَى السّنة جمع غفير وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ بالحسيسة ثمَّ خربَتْ الحسيسة واستوطن أَوْلَاده سمل واشتروا بهَا أَمْوَالًا ثمَّ بعد بُرْهَة من الزَّمَان ارتحلوا عَنْهَا وَسَكنُوا بَيت جُبَير بجيم مَضْمُومَة فموحدة مَفْتُوحَة فمهملة تَصْغِير جبر ثمَّ توطنوا مَدِينَة تريم وَكَانَ جلوسهم بهَا سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَأول من سكنها مِنْهُم السَّيِّد عَليّ بن علوي الشهير بخالع قسم وَأَخُوهُ سَالم وَمن فِي طبقتهما من بني بصرى وجديد وَهِي بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة فراء فتحتية وَآخِرهَا مِيم بِوَزْن عَظِيم سميت باسم الْملك الَّذِي اختطها وَهُوَ تريم بن حَضرمَوْت وَقيل إِن الَّذِي اختطها الْكَامِل وَمن أسمائها الْغناء بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة سميت بذلك لِكَثْرَة أشجارها وأنهارها وَتسَمى مَدِينَة الصّديق ﵁ لِأَن عَامله زِيَاد بن لبيد الْأنْصَارِيّ لما عَاد لبيعة

1 / 77