خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خپرندوی
دار صادر
د خپرونکي ځای
بيروت
مِنْهَا كَثِيرُونَ اشتهروا بِالْفَضْلِ وَالْولَايَة وَقد ألف الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد بن أبي بكر الأشحر رِسَالَة سَمَّاهَا در السمطين فِيمَن بوادي سردد من ذُرِّيَّة السبطين فَقَالَ جملَة آيَات ثمَّ قدم يَعْنِي أَحْمد بن عِيسَى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا ذَلِك الْعَام وَفِي هَذِه السّنة دخل أَبُو طَاهِر بن أبي سعيد القرمطي مَكَّة بعسكره يَوْم التَّرويَة وَالنَّاس حول الْكَعْبَة مَا بَين مصل وطائف ومشاهد فَدخل الْمَسْجِد الْحَرَام بفرسه وركض بِسَيْفِهِ وَهُوَ سَكرَان وَوضع هُوَ وجماعته السَّيْف وَقتلُوا فِي المطاف ألفا وَسَبْعمائة ورموا بهم فِي بِئْر زَمْزَم وَقتلُوا خَارج الْمَسْجِد أَكثر من ثَلَاثِينَ ألفا وملؤا بهم الْآبَار والحفر ونهبوا الديار وَسبوا الصغار وَأخذُوا خزانَة الْكَعْبَة وَمَا فِيهَا من الْقَنَادِيل وَالْكِسْوَة وَالْبَاب وَقسم ذَلِك بَين أَصْحَابه وطلع على الْبَاب وَأنْشد
(أَنا بِاللَّه وَبِاللَّهِ أَنا ... يخلق الْخلق وأفنيهم أَنا)
وَلم يسلم إِلَّا من اختفى فِي الْجبَال وَلم يقف بِعَرَفَة ذَلِك الْعَام إِلَّا قَلِيل وَأمر بقلع الْمِيزَاب فطلع الْكَعْبَة رجل فأصيب بِسَهْم من أبي قبيس فَخر مَيتا وطلع آخر فَسقط مَيتا فهابوا فَقَالَ أَبُو طَاهِر اتركوه حَتَّى يَأْتِي صَاحبه يَعْنِي الْمهْدي الَّذِي يزْعم أَنه مِنْهُم وَأَرَادَ أَخذ الْمقَام فَلم يظفر بِهِ لِأَن سدنته غيبوه ف يبعض الشعاب وَصَارَ بزندقته يَقُول
(فَلَو كَانَ هَذَا الْبَيْت لله رَبنَا ... لصب علينا من النَّار من فَوْقنَا صبا)
(لانا حجَجنَا حجَّة جَاهِلِيَّة ... مُجَللَة لم تبْق شرقًا وَلَا غربا)
(وَإِنَّا تركنَا بَين زَمْزَم والصفا ... جنائز لَا تبغي سوى رَبهَا رَبًّا)
وَيُقَال إِن عسكره سَبْعمِائة نفس فَلم يطق أحد رده خذلانًا من الله تَعَالَى وَحمل الْحجر الْأسود مَعَه يُرِيد أَن يحول الْحَج إِلَى بَيت بناه فِي هجر وخطب لعبد الله الْمهْدي أول الْخُلَفَاء العبيديين الفاطميين وَكَانَ أول ظُهُوره وَكتب بذلك إِلَى عبد الله فَكتب جَوَابه أَن أعجب الْعجب إرسالك بكتبك إِلَيْنَا ممتنًا بِمَا ارتكبت فِي بلد الله الْأمين من انتهاك حُرْمَة بَيت الله الْحَرَام الَّذِي لم يزل مُحْتَرما فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وسفكت فِيهَا دِمَاء الْمُسلمين وفتكت بالحجاج والمعتمرين وتجرأت على بَيت الله تَعَالَى وقلعت الْجَرّ الْأسود الَّذِي هُوَ يَمِين الله فِي أرضه يُصَافح بِهِ عباده وَحَمَلته إِلَى مَنْزِلك ورجوت أَن أشكرك على ذَلِك فلعنك الله ثمَّ لعنك الله وَالسَّلَام على من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده وَقدم فِي يَوْمه مَا ينجو بِهِ فِي غده فَلَمَّا وصل إِلَى القرمطي انحرف عَن طَاعَته وَبعد عود القرمطي إِلَى هجر رَمَاه الله فِي جسده بداء حَتَّى
1 / 76