هم دخلوا باب القبول بقرعهم ... وحسبي أن ألفى لبيتي قارعا
أنيفك عزمي عن قيود الأناة أو ... يفك الهوى عن طيبة القلب طايعا؟
ويسعف ليت في قضاء لبانتي ... ويترك سوف فعل عزمي المضارعا
إذا أشرق الإرشاد خابت بصيرتي ... كما تبعث شمس السراب المخادعا
فلا الزجر ينهاني وإن كان مرهبًا ... ولا النصح يثنيني وإن كان ناصعا
فيا من بناء الحرف خامر طبعه ... فصار لتأثير العوامل مانعا
بلغت نصاب الأربعين فزكها ... بفعل ترى فيه منيبًا وراجعا
وبادر بوادي السم إن كنت راقيا ... وعاجل وقوع الفتق إن كنت راقعا
فما اشتبهت طرق النجاة وإنما ... ركبت إليها من يقينك ظالعا
كان بعض الحكماء يقول: لا تطلب من الكريم يسيرًا فتكون عنده حقيرًا. نقل في الإحياء عن الصادق جعفر بن محمد ﵁ أنه قال: مودة يوم صلة، ومودة شهر قرابة ومودة سنة رحم، ماسة من قطعها قطعه الله. وكان الحسن يقول: كم من أخ لم تلده أمك وقال بعضهم: القرابة تحتاج إلى المودة، والمودة لا تحتاج إلى القرابة وقيل لحكيم: أيما أحب إليك أخوك أو صديقك فقال: إنما أحب الأخر إذا كان صديقًا من باب حقوق الأخوة.
أنشد الشيخ شهاب الدين ابن حجر حين انهدمت منارة جامع المؤيد بمصر المحروسة وكان الناظر عليه قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني لجامع مولانا المؤيد.
لجامع مولانا المؤيد رونق ... منارته بالحسن تزهو بلا مين
تقول وقد مالت عليه تأملوا ... فليس على جسمي أضر من العيني
ولما وصل ذلك إلى العيني:
أنشد
منارة كعروس الحسن قد جليت ... وهدمها بقضاء الله والقدر
قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط ... ما آفة الهدم إلا خسة الحجر
ابن نباتة في غلام حضر في وليمة طهور.
قام غلام الأمير يحسب في ... يوم طهور البنين طاووسا
فأنزل الحاضرون من شبق ... وصاد ذاك الطهور تنجيسا
الشيخ علاء الدين الودائي في مليح من المغل
وظبي من بني الأتراك حلو التيه والدل
له قد كغصن البان ميال إلى العدل
أقول لعاذلي فيه رويدك يا أبا جهل
فقلبي من بني تيم وعقلي من بني ذهل وما يبرى هو المشتاق الأريقة المغل
في القاموس عند ذكر النفس ما صورته: النفس في قول ﷺ: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن وأجد نفس ربكم من قبل اليمن: اسم وضع موضع المصدر من نفس تنفيسًا أي فرج تفريجًا، والمعنى أنه تفرج الكرب وتنشر الغيث وتذهب الجدب وقوله ﷺ من قبل اليمن المراد ما تيسر له ﷺ من أهل المدينة، فإنهم يمانون من النصرة والإيواء.
مدت السماط بين يدي كسرى، فلما صحنت الصحون انقلب من بعضها شيء على السفرة فنظر كسرى إلى ماد السماط شزرًا، فعلم أنه يقتله البتة، فأكفاء الصحن بأجمعه على السفرة فقال له كسرى ما هذا الفعل، فقال: أيها الملك تيقنت أنك قاتلي على ذلك الأمر الحقير الذي لا يوجب القتل فتكون مذمومًا عند الناس فأردت أن أفعل ما لو قتلتني به لم تذم فعفى عنه وقربه.
طعن الزمخشري في قرائة ابن عامر: " وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم " وجعلها سمجة وقد شنع عليه كثير من الناس.
قال الكواشي: كلام الزمخشري يشعر: بأن ابن عامر ارتكب محظورًا، وأنه غير ثقة، لأنه يأخذ القراءة من المصحف لا من المشايخ، ومع ذلك أسندها إلى النبي ﷺ وليس الطعن في ابن عامر طعنًا فيه، وإنما هو طعن في علماء الأمصار، حيث جعلوه أحد القراء السبعة المرضية وفي الفقهاء حيث لم ينكروا عليه وإنهم يقرؤونها في محاريبهم والله أكرم من أن يجمعهم على الخطأ انتهى كلامه.
قال أبو حيان: أعجب لعجمي ضعيف في النحو يرد على عربي صريح محض قرائة متواترة موجود نظيرها في كلام العرب، وأعجب لسوء ظن هذا الرجل بالقراء الأئمة الذين تخيرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله شرقًا وغربًا، واعتمدهم المسلمون لضبطهم ومعرفتهم وديانتهم.
وقال المحقق التفتازاني: هذا أشد الجرم حيث طعن في إسناد القراء السبعة وروايتهم، وزعم أنهم إنما يقرؤن من عند أنفسهم، وهذه عادته يطعن في تواتر القراءات السبع، وينسب الخطأ تارة إليهم كما في هذا الموضع، وتارة إلى الرواة عنهم وكلاهما خطأ؛ لأن القراء ثقات، وكذا الروايات عنهم.
وقال ابن المنير: نتبرأ إلى الله ونبرأ من جملة كلامه عما رماهم به فقد ركب عميا، وتخيل القرائة اجتهادًا واختيارًا، لا نقلًا وإسنادًا، ونحن نعلم أن هذه القرائة قرأها النبي ﷺ على جبرئيل كما أنزلها عليه وبلغت إلينا بالتواتر عنه، فالوجوه السبعة متواترة جملًا وتفصيلًا، فلا مبالاة بقول الزمخشري وأمثاله، ولولا عذر أن المنكر ليس من أهل
1 / 36