القادر بغيره لا يفتح بنفسه إلا بقدر قدرته القاصرة وذلك الفتوح الإلهي أقوى اتصالا وأبقى كمالا وأتم نورا وأعم سرورا وأوضح في الاطلاع على الاسرار وأرجح في عمارة الأفكار.
الفصل التاسع والثلاثون: واعلم يا ولدي محمد أقبل الله جل جلاله عليك وكمل إحسانه إليك، أن العقول المستقيمة والقلوب السليمة شهدت شهادة صحيحة صريحة أنه لا بد من استناد الممكنات والموجودات إلى فاعل لها لا أول لوجوده ويقتضي ظهور هذه الآثار المحكمة الباهرة والدولة المنتظمة القاهرة أن فاعلها حي عالم قادر مختار حكيم وأن وجوده وصفاته بذاته لأنه لو كان جل جلاله أو شئ من صفاته بغيره اقتضى ذلك عكس شهادة الألباب بقدمه وأزليته وتمام قدرته.
الفصل الأربعون: واعلم حفظك الله يا ولدي محمد وحفظ ما أنعم وينعم به عليك وأوزعك شكر ما أحسن به إليك، أن وجوده جل جلاله وصفاته ليست مناسبة لوجودنا وصفاتنا في شئ من الأشياء لأننا موجودون به جل جلاله ويتصرف فينا تارة بالانشاء وتارة بالافناء وتارة بالحياة وتارة بالموت وتارة بالعافية وتارة بالسقم وتارة بالشباب وتارة بالهرم وتارة بالغنى وتارة بالفقر وتارة بالاقبال وتارة بالادبار وتارة بعجزنا من نيل الآمال وتارة بظفرنا بما ليس في حسابنا من الافضال فنحن نرى تصرفه فينا ضرورة ما نحتاج معها إلى الاستدلال وكم قد كرر جل جلاله فنائنا وإعادتنا بعد الفناء بنطف أخذها من ظهور الاباء ثم أمهاتهم وأعاد منهم صورة الأبناء وكم قد
مخ ۲۵