قوله في الرواية الأخرى: (كفرًا بواحًا) بفتح الموحدة بعدها واو ثم ألف مفتوحتين ثم حاء مهملة أي ظاهرًا جهارًا لا يحتمل تأويلًا.
يقال: باح الشيء يبوح بواحًا جهر به، ويروى بالراء. وقيل: صراحًا.
والمراد بالكفر -هنا- المعاصي فإذا كانت كذلك حل قتالهم ومعنى قوله (ليس عندكم فيه لله برهان) أي تعلمونه من دين الله.
فمعناه: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم (ولا تعترضوا) عليهم إلا أن تروا منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم، وقولوا بالحق حيث ما كنتم). والله أعلم.
وروى أبو منصور الديلمي -في مسنده الفردوس- من حديث أبي هريرة مرفوعًا "ثلاث من كن فيه استكمل إيمانه لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرائي بشيء من عمله، وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة آثر أمر الآخرة على أمر الدنيا".
وفي مسند الإمام أحمد من حديث المقدام بن معديكرب الكندي أنه جلس مع عبادة ابن الصامت، وأبي الدرداء، والحارث بن معاوية الكندي فتذكروا حديث رسول الله ﷺ فقال أبو الدرداء لعبادة: يا عبادة كلمات رسول الله ﷺ في غزاة كذا وكذا في شأن الأخماس. فقال عبادة:
إنَّ رسول الله ﷺ صلى بهم في غزوة إلى جنب بعير من المغنم فلما سلم قام رسول الله ﷺ فتناول وبرة بين أنملتيه. فقال: (إن هذه من غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في الله تعالى، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم، إنه لينجي صاحبه من الهم والغم).
ورواه النسائي- بلفظ آخر.
ورواه صاحب الفردوس ولفظه: "جاهدوا في الله القريب والبعيد في الحضر والسفر،
1 / 73