فمن أمثلتها: ما ثبت في صحيح مسلم، ومسند أحمد، والسنن الأربعة وغيرها من حديث طارق بن شهاب ﵁ قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان بن الحكم، فقام إليه رجل. فقال: الصلاة قبل الخطبة. فقال: قد ترك ما هنالك.
فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) هذه رواية مسلم.
ورواية الترمذي مثلها إلا أنه قال فقام رجل فقال: يا مروان خالفت السنة فقال: يا فلان ترك ما هنالك فقال: هذا حديث حسن.
وفي رواية أبي داود قال: يا مروان خالفت السنة أخرجت المنبر يوم عيد ولم يكن يخرج فيه وبدأت بالخطبة قبل الصلاة.
فقال أبو سعيد: من هذا؟ فقال: فلان ابن فلان.
فقال: أما هذا فقد قضى ما عليه.
وفي رواية النسائي لم يذكر العيد والخطبة ولكن لفظه: أن رسول الله ﷺ قال: من رأى منكم منكرًا فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ ومن لم يستطع منكم أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ وذلك أضعف الإيمان.
قول (أبي سعيد) ﵁: (أما هذا فقد قضى ما عليه) فيه تصريح بالإنكار.
وقد يقال: كيف تأخر أبو سعيد ﵁ عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل؟
قال بعضهم: يحتمل أنَّ أبا سعيد ﵁ لم يكن حاضرًا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام.
ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرًا من الأول ولكنه خاف على نفسه أو غيره من حصول فتنة بسبب إنكاره فسقط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئًا، لاعتقاده بظهور عشيرته أو غير ذلك، أو أنه خاف وخاطر بنفسه وذلك جائز في مثل هذا بل مستحب- كما سيأتي بيانه في أثناء الكتاب، أو أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد ثم جاء في
1 / 67