فصل- ١٣ -: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين
وأما قوله- تعالى-: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله﴾.
لما ذكر الله- تعالى- المنافقين والمنافقات وما هم عليه من الأوصاف القبيحة والأعمال الفاسدة ذكر المؤمنين والمؤمنات فقال في أولئك: ﴿بعضهم من بعض﴾ وفي هؤلاء: ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ في الدين، واتفاق الكلمة، والعون، والنصرة إذ لا ولاية بين المنافقين ولا شفاعة لهم (ول يدعون) بعضهم لبعض (فكان المراد- هنا-) أن الولاية في الله خاصة وسيأتي ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري- ﵁ أن النبي- ﷺ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا).
أي يعين بعضهم بعضًا على الطاعات، ويتواصون بترك المحظورات فتحابهم (في الله) وقيامهم بحق الله، وصحبتهم لله، وعداوتهم لأجل الله، تركوا حظوظهم لحق الله، وآثروا- على هواهم- (رضا) الله.
أولئك (الذين) عصمهم في الحال، ويرحمهم في المآل.
ولما وصف المؤمنين يكون بعضهم أولياء بعض ذكر بعده ما جرى كالتفسير والشرح له وهي الخمسة التي يتميز بها المؤمن على المنافق في الآية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والجهاد وهو المراد في هذه الآية بقوله: ﴿ويطيعون الله ورسوله﴾، فإن هذه الكلمة جامعة للمندوبات (وأقواها دلالة على صحة عقيدتهم وسلامة سريرتهم).
وأخص أوصاف المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتقدمه على بقية الأوصاف فالذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في الآية فيثبت بذلك أن أخص أوصاف المؤمنين وأقواها دلالة على صحة
1 / 52