فصل- ٦ -: التحذير من الارتداد عن الدين
وأما قوله- ﷾: ﴿يا أيُّها الَّذين آمنوا من يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبُّهم ويحبُّونه أذلَّةٍ على المؤمنين أعزَّةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لوّمة لائمٍ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم﴾. الارتداد عن الدين هو: الرجوع عن الحق. فأخبر سبحانه عن قدرته العظيمة- أنه من تولى عن نصرة دينه، وإقامة شريعته (فإنه) يستبدل به من هو خير لها منهم وأشد منعةً وأقوم سبيلًا كما قال تعالى: ﴿فإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم﴾.
وقال بعض العارفين: (جعل سبحانه صفة من لا يرتد عن الدين أن يحب الله ويحبه الله وفي ذلك بشارة عظيمة للمؤمنين، لأنه يجب أن يعلم أن من كان غير مرتد فإن الله يحبه، وفيه إشارة دقيقة، فإن من كان مؤمنًا يجب أن يكون لله محبًا، فإذا لم يكن له محبًا فالخطر بصحة إيمانه).
فمحبة الله للعبد إما أن تكون بنحو الرحمة عليه، أو بمعنى (اللطف والإحسان إليه) أو المدح له والثناء عليه. وقيل: تقريبه وتخصيص محله، وقيل غير ذلك.
وأما محبة العبد لله- سبحانه- فهي حالة لطيفة يجدها في قلبه تحمله على إيثار موافقة أمره، وترك حظوظه فيه وإيثار حقوقه- تعالى- بكل وجه.
قال بعضهم: المحبة ارتياح القلب بوجود المحبوب. وقيل ذهاب المحب بالكلية في ذكر المحبوب. وقيل: خلوص المحب لمحبوبه بكل وجه.
ويقال: (المحبة قضية توجب المحبة) (فمحبة) الحق أوجبت محبة العبد قال الله- تعالى-: ﴿يحبهم ويحبونه﴾.
ثم بين سبحانه صفة المحبين فقال: ﴿أذلة على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين﴾ لأن ذلك من صفات المؤمنين الكمل يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه متعززًا على خصمه وعدوه.
كما قال- تعالى-: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾ وفي صفته- ﷺ: "الضحوك القتال" فهو ضحوك لأوليائه، قتال لأعدائه، ثم قال- في
1 / 42