ودينه حق، فإن تكلم تكلم بحق وإن أمر أمر بحق، وإن أعطى أعطى حقًا، وإن منع منع بالحق، وإن حكم حكم بعدل وحق.
ولما كان الحق مطلوبًا للمرء وهو من أعظم الأشياء وأفضلها- سأله النبي- ﷺ ربه. فقال: وأسألك كلمة الحق في الغضب (والرضا) فهذه صفة المؤمن.
ثم إن الله- تعالى- حذر من اللي في قول الحق والقيام به وهو التحريف بألفاظ يوري بها عن قوله الحق.
وقال بعض العرفين: القيام لله بالعدل هو بإيفاء حقوقه من نفسك، واستيفاء حقوقه من غيرك، إما بأمر بمعروف أو زجر عن مكروه، أو وعظ بنصح أو إرشاد إلى شرع، أو هداية إلى حق، ومن بقى لله عليه حق لم يباشر خلاصه التحقيق سره. وأصل الدين إيثار حق الحق على حق الخلق، فمن آثر على الله- سبحانه- أحدًا من والد أو ولد أو قريب أو نسيب فهو بمعزل عن القيام بالقسط.
وأما قوله- تعالى- في سورة المائدة: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط .....﴾ فمعناه، كونوا قائمين بالعدل، قوالين بالصدق لله لا لأجل الناس. والقيام لله، هو القيام بجميع وظائف الطاعة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقو الحق في الغضب (والرضا) - كما تقدم ... وكل ما لله فيه طاعة يلزم المؤمن القيام فيه ولو على نفسه.
وقال بعض العارفين: معنى الآية، لا يعوقنكم حصول نصيب لكم في شيء (عن) الوفاء لنا، والقيام بما يجب عليكم من قنا. كما قيل: من لم يسقط عنه صواعد رغائبه، ولم يمنع منه تراكم شهواته ومطالبه لم يقم لله بحق، ولم يف لواجباته بشرط.
قوله تعالى: ﴿ولا يجرمنَّكم شنئان قومٍ على ألَّا تعدلوا اعدلوا﴾ أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم بل استعملوا العدل في كل أحد صديقًا كان أو 'دوًا).
وقال بعض العارفين: معنى الآية لا يحملنكم ضغائن صدوركم على الحلول بجنبات الحيف، فإن مرتع الظلم وبييء، ومواضغ الزيغ مهلكة. ثم قال: (اعدلوا) ولا تكون حقيقة العدل إلا بالعدول عن كل نصيب وحظ والعدل أقرب للتقوى، والجور سبب الردى.
1 / 41