ووفاء مني لوعدي إياه ذلك، ونزولا عند طلبه كان اختياري مسألة تحقيق ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو بدء الانطلاق والبحث حول إمامة أهل البيت عليهم السلام؛ إذ أنه يعتبر المعيار - أو العلم - لمعرفة صحة إيمان العبد من بطلانه في موالاته له والبراءة من عدوه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:((اللهم اشهد أني قد جعلت عليا علما يعرف به حزبك عند الفرقة هاديا علي)).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:((لولا أنت يا علي لما عرف المؤمنون بعدي)).
إذا فالزيدية والجعفرية -الإمامية- إن لم يتفقا على الإقرار بولايته عليه السلام وما يترتب على ذلك من الولاء والبراء فإن أحد المذهبين مصيب والآخر مخطئ لا محالة.
ولم تكن تلك المكاتبات بيننا بصدد التحقق فحسب، بل لإيجاد التقارب وتوحيد الكلمة، فالاعتصام، امتثالا لقوله تعالى:{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..} الآية(آل عمران/103).
وبالرغم أن الوحدة دليل على كل الأصعدة مطلب عام؛ إلا أن البشر اختلفوا في وسائل تحقيقها، شأنها شأن أي مطلب عام إنساني. فكانوا طرائق قددا، وإن كان اختلافهم في وسائل تحقيق هذه الوحدة دليل قاطع على سعيهم المستمر لتحقيقها، وبرهان ساطع على عمق إدراكهم لأهمية هذه الوحدة وجزيل نعمها؛ إلا أن السبيل إلى تحقيقها بأيديهم يكون محالا قطعا؛ لأن الله سبحانه هو الآمر بالتوحد والاعتصام كما ذكر ذلك في محكم كتابه الكريم حيث قال:{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..} الآية.
فإذا كان الآمر أعلم من المأمور فإن الحل أو السبيل يكون بيده حتما، فكيف بالله سبحانه وتعالى وهو الآمر بهذا الاعتصام الذي قد بينه، وأشار إليه في كتابه المنزل وعلى لسان نبيه المرسل صلى الله عليه وآله وسلم.
مخ ۵