199

ولما خاف خولان وعظم الأمر توجه إلى الإمام -رضوان الله عليه- جماعة من الحدا من مشائخهم وعقالهم وحي الشيخ نشوان بن علي أبو عريج الخولاني، وكان من أهل عارضة اللسان. ولمصيره إلى مولانا الإمام المنصور بالله -عليه السلام- كما أخبرني حي مولانا أمير المؤمنين المؤيد بالله -سلام الله عليه- في حديثه وهو أنه كان خائفا من جعفر باشا لمتاخمته لعبد الله شلبي المقدم ذكره وأنه من أهل الصناعة في المضحكات وله أخبار، فأرسله عيون من أمراء العرب [85/أ] إلى الإمام -عليه السلام- يأخذ لهم منه عقدا وأنه يقدم -عليه السلام- إلى جبال اللوز ثم يصيرون إليه لينجوا من شر الباشا، فوصل إلى الإمام -عليه السلام- وله كلام كثير من مثله، من أهل وقتنا فيه ازدواج وصناعة خطب به مع وصوله سمعته منه ومن غيره، وكتبه كثير من الأصحاب، ثم خلص وتاب وأعطاه الإمام المنصور بالله -عليه السلام- ما يعظم في ذلك الوقت فوصل هذا الشيخ نشوان والحدا، وبالغ من تحريض الإمام على الجهاد وبلغ أنه بكى عند قبر الإمام المنصور بالله -عليه السلام- في شهارة وطلب آلة القبور، قال يفتح على الإمام ينصر الحدا وكذا. وكان الإمام -عليه السلام- كما قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة -سلام الله على روحه- في جواب على حي الفقيه العلامة المصقع البليغ شرف الدين أبي القاسم بن حسين بن شبيب التهامي(1) رحمه الله: (فلا تبتئس مما ترى من إناتنا، فكم حركات في سكون وما تدري)، وقد حضرت الثمرة، فأرسل الإمام -عليه السلام- العمال لجمعها. وقد قدم مقدمات رأيناها ولا عرفنا المراد إلا بعد ظهور الأمر، منها أنه كان يخلو بمولانا الحسين -رضوان الله عليه- كل ليلة بعد سكون الناس، وأظهرا أنهما يقرآن كتابا فلا يظن أحد أنه إلا ذلك، وإنما هما يتناظران في وجوب القيام، ونبذ عهد الظالمين إليهم، ويدبران القيام وما يجب تقديمه من النظر العام. وكان قد جعل قاعدة إرسال سعاة إلى جهات الحيمة من السادة والفقهاء وغيرهم يقبضون له الفطرة والنذور وزكاة المواشي من غير واسطة الولاة فلأجل ذلك واختلافهم إلى الحيمة كثير لا يعرف أحد أن المقصود إلا ذلك مع الحركة الكبرى، فكنت ممن عين على جهة الحجرة فالعام الأول عمل لا غير.

وفي هذا العام في شهر القعدة أمرني وغيري ممن وجهه كما بلغني بالبقاء وإن كمل العمل حتى يأتي رأيه الكريم. ثم طلب حي القاضي الأعلم أحمد بن علي بن أبي الرجال(1) رحمه الله، وكان رحمه الله مقبولا محببا، وأمره بالمسير إلى بلاد خولان العالية يقبض منهم [85/ب] ما أمكن من الواجبات وأن يتركها في تلك البلاد ولا خير إلا أنه يريد تذكرهم بحقوق الله على يد هذا الرجل المألوف.

ولما وصلت البشرى بوصول ولده والحاج، وقد أمن عليهم.

نبذ إلى الظالمين عهدهم وأظهر أمره -سلام الله عليه ورضوانه-، وكان أول من تجهز لذلك قبل ظهوره مولانا شرف الدين(2) الحسين بن أمير المؤمنين المنصور بالله -سلام الله عليهما- في غرة محرم عام ست وثلاثين وألف، وأظهر أمره وأظهر أنه يريد طيافة بلاد الشرف وهي إليه، وتجهز ولا يعرف أحد أنه يريد إلا الشرف، فلما وصل الشرف جمع عسكره وكان له فيها عسكر عظيم نحو ثمانمائة نفر، وينضم إليهم إلى نحو اثني عشر مائة، كان جاعلا سبارهم(3) مطالب الشرف وناظما أحوالهم لمثل حاجته إليهم، فأخبرني كاتبه الشيخ الفاضل المجاهد الكامل فارع بن خيران وقد أقسم بالله لا أقترض خمسة حروف مصروف الطريق لمولانا الحسين إلا قرضا وكل محصول البلاد المذكورة للعسكر المنصور بالله ولمن يلم.

مخ ۲۲۱