جوهر شفاف
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
ژانرونه
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون(160)وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون(161)أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير(162) {إن ينصركم الله} كما نصركم يوم بدر {فلا غالب لكم} يعني لا أحدا يغلبكم {وإن يخذلكم} كما خذلكم يوم أحد {فمن ذا الذي ينصركم من بعده} أي: من بعد خذلانه وهذا تنبيه على أن الأمر كله لله، وعلى وجوب التوكل عليه وفيه ترغيب في الطاعة والتقوى، لما يستحق لها من النصر والتأييد وتحذير من المعصية وما يستحق بها من العقوبة والخذلان، {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} معناه: وليخص المؤمنين ربهم بالتوكل عليه والتفويض إليه لعلمهم أنه لا ناصر سواه، ولأن إيمانهم يوجب ذلك ويقتضيه، {وما كان لنبي أن يغل} يقال غل شيئا من المغنم غلولا واغل غلالا إذا أخذه في خفية ومنه قوله عليه السلام: ((من بعثناه على عمل فغل شيئا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه)) وقوله ((هدايا الولاة غلول)) ومنه ليس على المستعير غير المغل ضمان)) وعنه ((لا إغلال ولا أسلال)) فالإغلال الخبانة والإسلال السرقة، ذكره في الصحاح والمعنى: ما صح لنبي أن يغل يعني أن النبوة تنافي الغلول، وفيه وجهان: أحدهما: أن يبرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك وينزه وينبه على عصمته، لئلا يظن به ظان شيئا منه كما روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض المنافقين: لعل رسول الله أخذها وروي أنها نزلت في غنائم أحد، حين ترك الرماة المركز وطلبوا الغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أخذ شيئا فهو له، وأن لا تقسم الغنائم كما لم تقسم يوم بدر فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألم أعهد إليكم أن لا تتركوا المركز، حتى يأتيكم أمري فقالوا تركنا بقية إخواننا وقوفا فقال –عليه السلام- بل ظننتم أنا نغل ولا نقسم لكم)) والثاني أن يكون مبالغة في النهي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما روي أنه بعث طلائع فغنمت غنائم فقسمها ولم يقسم للطلائع فنزلت يعني وما كلن لنبي أن يعطي قوما ويمنع آخرين، بل عليه أن يقسم بالسوية وسمي حرمانهم غلولا تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر، {ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة} أي: يأتي بالشئ الذي غله بعينه يحمله كما جاء في الحديث جاء يوم القيامة يحمله على عنقه وروي ((ألا لأعرفن أحدكم يأتي ببعير له رغاء وببقرة لها خوار وبشاة لها ثغاء فينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا فقد بلغتك وعن بعض جفاة الأعراب أنه سرق نافخة مسك فتليت عليه الآية، فقال إذا أحملها طيبة الريح، خفيفة المحمل، [25]ويجوز أن يراد بقوله يأتي بما غل أي: بما احتمل من وباله وتبعته وإثمه {ثم توفى كل نفس بما كسبت} كان القياس أن يقال ثم توفى ما كسبت لكن جئ بلفظ العام دخل تحته كل كاسب من الغال وغيره فهو أبلغ وأثبت، لأنه إذا علم الغال أن كل كاسب خيرا أو شرا مجزي فهو في جزائه علم أنه غير متخلص من بينهم مع عظمة ما اكتسب {وهم لا يظلمون} أي: لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم بل بعدل ربهم في الجزاء كل جزائه على قدر كسبه.{أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله} هذا إنكار للتسوية بين من اتبع رضوان الله بالورع والأعمال الصالحة وبين من باء أي: صار حقيقا بسخط أي غضب من الله في ارتكاب محارمه {ومأواه جهنم} أي: مصيره ومقامه {وبئس المصير} أي: المرجع والمقام.
مخ ۳۶۲