فإن قال: إنه يجب عليه أن يقلد أحد الفريقين قوله ويقول به، وزعم أنه إذا قلد قوما قولا؛ ثم عمل به واعتقده نجا من إثمه، وكان عليهم وزره؛ وجب عليه أن يقول: إن كل من أمر بدين من الأديان؛ من اليهودية والنصرانية، أو أي دين كان من أديان الكفر، وأشار به، فقبله منه قابل، وقلده إثمه ودخل فيه، فأحل ما حرم الله، وحرم ما أحل الله؛ كان بذلك بريئا من الوزر، وكان جميع ذلك الأمر على من أمر به، دون من قبله، ولو كان ذلك كذلك لم يعذب الله إلا المؤسسين(1) لأنواع الشرك من القرون الأولة، ولكان كل من عمل بعملهم ناجيا من سخطه وعقابه، ولكان كل من قال على الله بالحق، ودان بدين محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين غير مثاب عليه، ولكان الثواب واجبا في القياس للرسول، ولم يكن لمن عمل به ثواب ولا محمدة، ولم يكن المذنب بإجرامه بأهل للعقوبة من المحسن في أعماله، ولكان المطيع والعاصي في الثواب والمجازاة بالعقاب سيان؛ إذ كانا من جميع أفعالهما بريئين.
مخ ۷۹۶