والعقل فهو خلق الله وتركيبه في عباده، والمعرفة فهي أفعال المخلوقين متفرعة من العقول،فكل من أعمل عقله في شيء من آيات الله؛ قاده إعماله لعقله من معرفة الله تبارك وتعالى إلى أبين بيان، وتبين له بما يتفرع من المعرفة بالله أنور البرهان. فيثيب الله من قبل ما دل عليه مما تفرع من مركب لبه الذي جعله الله فيه من المعرفة بالله عز وجل، فإذا ميز وأعمل النظر في صغير آيات الله دون كبيرها، فعلم أن لها خالقا كريما، ومدبرا عليما؛ فقبل ذلك بأحسن القبول؛ فاستوجب من الله الزيادة والتوفيق.
ويعاقب من كابر لبه، وأنكر آيات ربه، فاستوجب بذلك منه الخذلان، وتمكنت منه وساوس الشيطان. كما يثيب من عمل بكفه خيرا، ويعاقب من اكتسب بها شرا.
وأما استعمال العقل فهو الفكر به والنظر، والتمييز بين الأشياء، والنظر فيها وفي تركيبها، وتدبيرها وحسن تقديرها، حتى يقوده ويدله ما يتفرع من لبه، عند استعماله له؛ على معرفة علام الغيوب، ومقلب ما يشاء من القلوب، فإذا ثبت عنده أن له خالقا ومصورا، ولجميع الأشياء فاطرا ومدبرا؛ وجب عليه أن ينظر في كتاب الله تبارك وتعالى، ويسأل العلماء عما ذكر الله من كرسيه وعرشه، ويده ووجهه حتى ينبيه كل عالم بما يحضره من الجواب. والسوال فواجب عليه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل: 43، الأنبياء: 7] وهم آل محمد صلى الله عليه وعليهم، فإذا أنبئ عما سأل؛ وجب عليه أن يتفكر بعقله، فيضيف إلى الله سبحانه من الأشياء ما هو أولى به، وينفي عنه الشبهات التي تكون في خلقه، ويعلم أن ليس كمثله شيء، كما قال: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى: 11].
مخ ۷۹۴