[قال حنين بن اسحاق ان جالينوس من بعد ما قال هذا القول اتبعه بنسخ كلام ارسطوفانس، الا ان النسخة اليونانية التى منها ترجمت هذا الكتاب الى السريانى كان فيها الخطأ والسقط مقدار لم يكن يمكننى معه ان اخلص معانيها لولا اننى قد الفت وتعودت فهم كلام جالينوس باليونانية وعرفت جل معانيه من كتبه الاخرى. فاما كلام ارسطوفانس فاننى لم آلفه ولم اتعوده فلهذا السبب لم يسهل على تخليصه وتركته. ودعانى الى تركه ايضا سبب آخر وهو اننى لما قرأته لم اجد فيه معنى فضل على ما وجدت جالينوس قد حصله فى معانيه، ورايت ان لا اشغل نفسى به واتخطاه الى ما هو انفع منه. ثم ان جالينوس من بعد ما نسخ كلام ارسطوفانس عاد الى ما كان فيه فقال:|
اتقول يا هذا ان اهل اثينية قد كانوا يفهمون هذا الكلام عن ارسطوفانس ام تزعم ان كلامه كان عندهم شبيها بما لو انه قال اننى منذ اربعة اشهر اجد علة يقال لها سقندابسس وهى رسول العلة التى يقال لها بليطورى ويكون اراد بقوله سقندابسس البرد المتقدم للحمى واراد بقوله بليطورى نفس الحمى؟ ولكنك تعلم ان قوله ايبيالوس هو اسم النافض السابق للحمى وقوله حمى انما هو اسم يقع على الحرارة النارية. فانك ان سمعت ما قاله هذا الرجل بعد القول الذى نسخته لك صح عندك وقنعت غاية القنوع بان قوله ايبيالوس ايضا انما يدل على علة باردة وقوله حمى يدل على علة حارة.
[قال حنين لم اقدر ايضا على تخليص هذا الكلام الذى نسخه ههنا للسبب الذى ذكرته آنفا. قال جالينوس:]
وارسطوفانس على ما بينت لك من قوله قد دل على نفسه وعلى اهل اثينية انهم كانوا يستعملون اسم الحمى على ما وصفت فى كلامهم. وقد يمكننى ان ابين لك ان جميع اصحاب القوموذيا يستعملون اسم الحمى فى كلامهم على هذا المثال بشهادات استدل بها من اقوالهم كثيرة لو اردت ان تملأ منها كتبا تكون اضخم من كتب مينودتس وكتب منيماخس، ولكنى اعلم انى اذا فعلت ذلك واثبتها كلها قال الناس فى انه قد سها وانسى نفسه.
فلنضرب الآن عن اصحاب القوموذيا وعن عوام الناس ايضا — فان هؤلاء السوفسطائيين الارجاس يفتخرون باستخفافهم بالعوام — ونأخذ فى النظر فيما قاله القوم الذين قد بحثوا عن صواب الاسماء واستقامتها. ونبتدئ بقول فلاطن فانه اقدم القوم كلهم وهو مع هذا رجل اجداده من ابناء اهل اثينية لا من الهاربة اليها فليس لهم ان يتغلبوا عليه بمثل ما يتغلبون على ارسطوطاليس وثاوفرسطس وقلانثس وخروسبس وزينن. فلننظر الآن على اى معنى ينصرف اسم الحمى عنه فلاطن وليس نحتاج الى مسئلة آخر عنه بل نقيس قوله اذا نسخناه على ما نريد:
«اخبرنى متى ظن رجل من العوام انه قد حم وان الذى وجده سيصير به الى الحرارة وظن مثل ذلك انسان آخر وكان الطبيب يظن خلاف ما ظناه بحسب ظن اى الفريقين نصف ما نريد ان يكون فى آخر الامر، ام قد تقع الصفة بحسب رأى الفريقين كيهما فيكون ذلك الانسان عند الطبيب ليس بحار ولا محموم وعند نفسه حار محموم؟». فهذا قول فلاطن فى كتابه المسمى بطاطيطس. واما فى كتابه المسمى طيماوس فقال «والبدن الذى يكون اعظم الاسباب فى مرضه غلبة النار عليه يحدث به احتراق دائم وحميات».
مخ ۱۸