٥ فإن أنت توهمت أن هذه الجواهر الثلثة قد خالطت بعضها بعضا على الكلية فليس يجوز لك حينئذ أن تقول ان جوهر الهواء يستحيل أولا ثم جوهر الرطوبة ثانيا ثم جوهر الأرض ثالثا وذلك أن امتزاج الأشياء بأسرها إنما معناه أن كل واحد من الأشياء المختلطة قد استحال بأسره على الكلية من قبل أنه إن كان كل واحد منها باقيا بعد الاختلاط على ما كان عليه قبل الاختلاط فإن ذلك إنما هو تقارب منها فى الوضع بأجزاء صغار لا امتزاج على الكلية لكن هذا إنما هو من عقد ابنادقليس وذلك أنه كان يظن أن قوام الأجسام الطبيعية ليس هو بامتزاج من الاسطقسات الأربعة بل باختلاط منها ولذلك صار رأيه فى هذا موافقا لرأى شيعة افيقورس وديمقريطس فأما الفلاسفة أصحاب المظلة فليس يقولون بتقارب الوضع ولا ارسطوطاليس ولا من يقول بالروح من الأطباء إلا أن ما قلته من ذلك إنما قلته على طريق الاستظهار لأبين به أن ما يقوله أصحاب المظلة ينقض بعضه بعضا فإن القول بأن الاسطقسات يمازج بعضها بعضا على الكلية غير مطابق للقول بأن أول ما يقبل الاستحالة من الممتزج الروح لكنه قد يحصل للأطباء ما يحتاج إليه وإن لم يقل هذا القول وذلك أنا قلنا ان العضو عند قبوله التأثر يستحيل بأسره معا أو قلنا ان الذى يستحيل منه أولا الروح ثم بتوسط الروح يستحيل سائر ما فيه فقد يلزمنا ضرورة أن يكون العلاج الذى نستعمله فيه واحدا بعينه حتى يدنى من الأعضاء التى قد بردت ما يسخنها ويدنى من الأعضاء التى قد سخنت بأكثر من المقدار ما يبردها وكذلك يدنى من الأعضاء التى جفت ما يرطبها ومن الأعضاء التى رطبت ما يجففها
[chapter 6]
مخ ۶۰