٤ فلذلك متى أحدث سبب من الأسباب التى من خارج فى الأعضاء المتشابهة الأجزاء استحالة ما إما بإسخان وإما بتبريد وإما بتجفيف وإما بترطيب فإن التغيير منه يقع بالمركب بأسره إلا أن الأولى أن يكون الذى يستحيل أولا أرطب الأجسام كما نجد ذلك فى الأشياء التى من خارج متى وقع حمى الشمس على الماء وعلى الحجارة بالسواء وأسرع استحالة من الماء الهواء فكذلك قلت أنا فى كثير من كتبى ان القوة التى ترد على البدن من خارج من شأنها أن تحيل أولا الجوهر الذى يسمى جوهر الهواء والروح ثم تحيل ثانيا جوهر الرطوبات ثم حينئذ تصل إلى جوهر الأجسام الأصلية وتحيل أولا من هذا الجوهر أيضا السمين واللحم من بعد ذلك تحيل الأجسام التى من جنس الأغشية والعصب ثم من بعد هذه الغضاريف والعظام فإن فى الأفضية التى فى البدن جوهرا هوائيا كما فيه جوهر رطب إلا أنه ليس لقائل أن يقول ان الروح الذى فى الأجسام الأصلية يستحيل قبل الرطوبات وذلك أنه ليس يلبث ويبقى الروح نفسه ولو كان يلبث لكان لعمرى سيستحيل بسرعة إذ كان على غاية التهيؤ لقبول الاستحالة من الأشياء المسخنة والأشياء المبردة والأشياء المرطبة والأشياء المجففة كما نجد ذلك عيانا فى الهواء المحيط بنا فإنه قد يجب أن تكون الأجسام اللطيفة أول الأجسام استحالة وقد أصاب شيعة اثيناوس ذلك فى اعتقادهم فإنا نرى عيانا فى الحر الذى يكون عند طلوع الشعرى العبور أول ما يقبل حمى الشمس الهواء ثم بعد ذلك بقليل ما وقع عليه شعاع الشمس من الرطوبات ماء كان أو غيره ثم بأخرة الأجرام الصلدة وأيضا فإن الشمس إذا غربت فزال حميها كان الهواء أول ما يرجع إلى مزاجه الذى كان عليه منذ أول الأمر ثم يتلوه فى ذلك الماء ثم بأخرة الحجارة وذلك أن ما كان سريع الاستحالة كان تغيره إلى كل واحدة من الحالين المتضادتين سريعا وما كان بطىء الاستحالة فكما أن خروجه عن الأمر الطبيعى إنما يكون فى زمان طويل كذلك أيضا رجوعه إليه إنما يكون فى زمان طويل فالحال فى أبدان الحيوان كالحال فى الأجرام التى لا أنفس لها من أن الجوهر الهوائى فيها أسرع ما فيها تغيرا والجوهر الرطب أبطأ منه وأبطأها كلها جوهر الأعضاء الأصلية حتى أنه متى نال عضوا من الأعضاء حر أو برد فأول ما يستحيل فيه طبيعة الهواء المحتبسة فى الأفضية التى بين الأعضاء الأصلية وفى كثير من البطون التى فى هذه الأعضاء ثم بعدها طبيعة الرطوبة ثم من بعد ذلك طبيعة الأعضاء الأصلية أنفسها التى هى أعضاء أبداننا
[chapter 5]
مخ ۵۸