وفي يوم الأربعاء ثالث شهر رمضان سنة [855ه] هذه شكى شخص شريف عجمي كحال من الجمال يوسف بن الباعوني، قاضي دمشق الشافعي، أنه منعه الاسترزاق بصنعة الكحل بدمشق، وكان السلطان يبغضه؛ لعدم افتقاده بالهدايا، فعزله، وولى السراج عمر الحمصي، المجمع على قلة علمه ودينه، وخلع عليه يوم الخميس رابعه، وكتب معه مراسيم بالكشف عن الباعوني ، ومحاسبته على التركات التي تولى عليها، وأخرجت عن الحمصي الصلاحية وأعيدت إلى الجمال بن جماعة، ثم جاء الخبر، أن هذا الشريف العجمي، حصل منه في مباشرة الكحل، ما أوجب المعرفة بجهله بذلك، فأجمع فضلاء الشام، على أنه لا يحل تمكينه من عيون الناس، فمنع، وأما في القاهرة فإنه كان له أمر عجيب، وذلك أن الشيخ علي المحتسب العجمي، ادعى أن له نحوا من عشرين سنة لا يبصر بإحدى عينيه شيئا، وأن هذا الشريف قدحها، فأبصر بها، وسمعته يذكر في كيفية قدحها، قصة غريبة، لكن لم يبلغني أنه ظهر له أثر في غير عين المحتسب، وكان المحتسب يبغض ابن الباعوني، فأورث ذلك عندي ريبة في ذلك، والله أعلم.
وداع منادي البحر وفي هذا التاريخ، وهو أوائل بأنه، من شهور القبط، نودي على البحر، أنه ثبت على ثمانية أصابع، من تسعة عشر ذراعا، وأن الزيادة المعتبرة انتهت، ولم يبق إلا صبة بابه، ولا عبرة بها؛ لأنها مما يتراجع إلى البحر من الأراضي المغمورة بالماء، لكن الذي لم يشك فيه أحد، أنه قارب العشرين، وإنما منع ظهور الزيادة، استعجال الناس في أعلى الأرض، وأدناها، بقطع الجسور، وفتح الترع، قبل الميقات؛ خوفا من مثل ما وقع في العام الماضي، وذلك أنه نقل عن أهل كل ناحية أنهم قالوا: لم نر مثل الماء في الكثرة في هذا العام.
ولاية ابن الزهري لحلب:
مخ ۱۴۶