-12- الإقرار بلسانه ، ولا يجزيه إلا ذلك ، وهو معنى الحكم في الذنوب ، السريرة بالسريرة و العلانية بالعلانية ، لان كان لم يأت عليه حال يكون منكرا ، ولم يزل على حال الإقرار ولو لم يبلغه خبر الجملة ولا صفتها ، حتى مضى عليه سنون كثيرة على ذلك ، فهو مسلم وعليه أن لا يشك في الجملة ، ولا في شيء منها ، ولا من تفسيرها ، إذا بلغ إليه علم ذلك وخبره ، أو خطر ذلك بباله ، على وجه ما ثبت عليه علم ذلك في الخاطر ، وإنما عليه علم ذلك والإقرار بمعرفته ، ويحقق علم ذلك بلا شك ولا ريب فيه ، ولو لم يقر بذلك بلسانه ، ولم يكن قبل ذلك قد نقض ذلك الميثاق الذي له ، بوجه يكون منكرا أو جاحدا ، فليس عليه بذلك إقرار باللسان ، لأن الإقرار باللسان لا يكون إلا على عقب الإنكار باللسان ، و إلا فهو على جملة الإقرار في الدينونة ، وإنما أريد تصديق ذلك وعلمه ، والإقرار به منه ، فإن علم ذلك وصدقه ، ولم يشك فيه وعلمه ، فقد أتى بما يجزئه من ذلك ، ما لم ينكر منكرا قبل ذلك ، فيجب عليه الإقرار باللسان لمعنى الإنكار باللسان ، ولو أقر بذلك بلسانه ، وشك في ذلك بقلبه ، لم يجزه ذلك ، ولو أقر بذلك بقلبه وعلم ذلك ولم يشك فيه ، كان ذلك مجزيا له عون الإقرار باللسان ، إذا لم يكن قبل ذلك منكرا بلسانه .
وإنما وجبت الدعوة إلى الجملة لأهل الإنكار من جميع المنكرين الجاحدين ، ولم يسعهم دون الإقرار بذلك باللسان ، لأنه خروج منهم مما أنكروا باللسان ، وكذلك إذا كان إنكار المنكر باللسان وذنبه باللسان ، لم تصح له توبة ولا رجعة إلا بالتوبة باللسان ، و الإقرار باللسان ، فإن شك بقلبه في شيء مما يكون به مشركا في اعتقاده ، كان إقراره في الاعتقاد مجزيا له عن الإقرار باللسان ، لأن السريرة بالسريرة و العلانية بالعلانية ، وإنما تأويل قول أهل العلم إذا بلغ سنه وصح عقله ، لم يسعه جهل علم هذه الجملة والإقرار بها ، إنما يخرج ذلك معنا إقرار بالتصديق ، لأن الإقرار يكون بالقلب ، والإنكار يكون بالقلب ، وللقلوب مقال و للألسنة مقال وللقلوب .
مخ ۱۳