-55- عرف ووقعت عليه الألحاظ من الأبصار والمعقولات من الأسماع والقلوب ، ولا ينفك كل معاين أر مسموع به أو معقول أمره من أربعة أحوال :
إما ظاهر الأمانة فيما ظهر له فيه الاسم ، ووجب له فيه الحكم ، فقد زالت عنه الخيانة بصحة الأمانة .
وإما ظاهر عليه الخيانة ، فقد زالت الأمانة بتظاهر الخيانة .
وإما مشكل الأمر لا تصح له أمانة ولا تصح منه خيانة ، وهو غير مجهول الحال ، غير أنه متناقض الأحوال ، فذلك حكمه حكم اللهمة ، لا يحكم له بالأمانة ولا عليه بالخيانة ، فهو مشكل مشتبه الحال ، وربما كان هذا ترجى فيه الأمانة أكثر مما يخاف منه الخيانة ، وربما كانت تخاف منه الخيانة أكثر مما ترجى منه الأمانة ، وعلى كل حال فلا يصح له أمر فيما ظهر من أمره الذي قد صح له .
ورابع مجهول لا يعرف حاله ، فذلك لا يسمى ولا يوصف ، لأن المجهول لا يعرف والمعدوم لا يوصف .
ومثل العلماء ي اختلاف منازلهم مع صحة مذاهبهم بالشهرة ، التي تجمعهم بها نحلة الاستقامة ، وان اختلفت منازلهم في علمهم مع تواطىء أماناتهم فيما حمل كل واحد منهم من العلم ، كمثل منازل التجار الشاهر لهم اسم التجارة في البلدان والأمصار على نحو ما وصفنا ، وشهرة كل تاجر من التجار مع من شهرة اسمه معه ، وسعة تجارته وضيق تجارته وصدقه وكذبه في تجارته ، وأمانته وخيانته في تجارته ، وبراءته وتهمته في تجارته ، وذلك مما لا تتكلفه العقول بل ذلك يحل في العقول محل العيان وأوضح من العيان ، ولو كان ذلك لا يصح إلا بالخبرة والمشاهدة ، ما حل ذلك أبدا محل الشهرة ، والشهرة قاضية في ذلك على المشاهدة والخبرة ، كذلك العالم المأمون فيما حمل من العلم ، وعلى ما حمل من العلم المتظاهر له ني ذلك الأمانة ، البريء في
مخ ۵۶