-34- المسلم أن يقيم على دينه مكتتما ، ولا يقدر على القعود في الدار إلا بإظهار الدينونة بالضلال ، أو الدينونة بطاعة أهل الضلال ، ما كان المسلم يقدر في هذه الدار على أن يكتتم بدينه ، فلا تكون الدار دار كفر ، ولكن دار اختلاط ، الغالب عليها من قد غلب عليها ، من أهل الشرك أو أهل النفاق ، فإذا صارت الدار لا يقدر المسلم فيها إلا أن يظهر التدين بالضلال ، وطاعة أهل الضلال على الضلال بالتدين ، كانت الدار حينئذ دار كفر إما شرك وإما نفاق .
فصل : وأما إذا كان السلطان أو المالك ، إنما هو متغلب على الملك ، مقر بحرمة ما يأتي ، منتهك لما يدين بتحريمه ، مجامع لأهل الدار على مخالفتهم لأمره ، يعترف لهم بصوابهم ، وعلى نفسه بالخطأ ، فهذا لا يكون ملكه للدار مزيلا لها ولا ضارا لها ، و لو غلب عليها ، ولم يقدروا على إنكار عليه على كل حال ، لتقيتهم له بالباطل الذي يعتريه ويقربه على نفسه .
فصل : وكذلك الحكم ، إنما يكون الحكم بالحاكم ، وإنما الحاكم هو المالك ، وكل القولين بمعنى واحد ، فإذا كان الحاكم هو المالك لأهل الدار أو من تحت المالك لأهل الدار ، وكانت الأحكام جارية بالدينونة بالباطل ، لا يقدر أهل الدار أن ينكروا ذلك من الدينونة بالباطل ، ولا يعرف في الدار باطل تلك الأحكام إلا مكتوما ، فإذا كان كذلك ، قام الحكم معنا مقام الملك ، وكان الحاكم كالمالك ، ولو كان من تحت يدي المالك ، ولو كان المالك مقرا بحرمة ما يأتي ، فإذا كانت أحكام حكامه الذين قد سلطهم ني الدار تجري على الدينونة بالضلال ، ولا ينكر ذلك أهل العدل ، ولا يقدرون عليه ، فالحاكم كالمالك ، لأن الحكم من الدين ، وهو عماد الدين ، فإذا كانت الأحكام من النكاح والطلاق ، والأحكام من الحلال و الحرام من المواريث وغيرها ، تجري في الدار على مخالفة العدل بالدينونة ، وانتحال الدينونة ، فذلك هو المالك لها والغالب عليها ، وقام ذلك مقام المالك لها ، والقول في ذلك ما قد قلنا في المالك ، فإذا أنكر أهل العدل وظهر منهم الإنكار
مخ ۳۵