-35- بقول أو فعل ، وعرف في الدار خطا الحاكم بالنكير ، فالدار دار عدل وأهلها أهل العدل بإظهار النكير ، فإذا لم ينكروا ذلك ، وجرت الأحكام عليهم بالدينونة لمخالفة النكير ، فقد مضى القول أن الدار تكون دار الحاكم في بعض القول ، وفي بعض القول أنها دار اختلاط ، ما دام أهل العدل يقدرون على الإقامة على دينهم ، فإذا لم يقدروا على الإقامة والأعمال بأحكامهم في ذات أنفسهم ، ولم يقدر المسلم على أن يقيم على ذلك إلا بإظهار الدينونة بالباطل ، أو تصويب الباطل ، فهنالك تتحول الدار إلى الحاكم وإلى المالك على ما وصفنا ، وكانت الدار دار المالك ، والحاكم عليها وعلى أهلها بالغلبة لهم ، ويتحول أمرهم إلى ظاهر أمره .
فصل : وقد قال من قال : إنه لا يكون دار أهل الإقرار دار كفر ، ولا يحكم عليها بالكفر ما دام فيها أهل عدل يعرفون ، ولو كانوا بهذه المنزلة ، لأن دار الكفر إنما هي دار الحرب ، وأما دار أهل الإقرار فلا تكون أبدا دار كفر ، ولا تسمى بدار الكفر بشرك ولا نفاق ، حتى يتحول أهلها كلهم إلى حال واحد من شرك أو نفاق ، وما دام فيهم أحد يعرف من أهل العدل ، فلا تسمى دار كفر ونفاق ، ولو لم يقدر أهل العدل إلا أن يظهروا دين أهل الضلال من النفاق فإنهم على كل حال مسلمون ، وإذا كان في الدار مسلمون ، لم يجز أن يجري عليهم اسم النفاق في الجملة ، حتى لا يكون في الدار أحد يدين بالعدل ، فإذا صح ذلك ، وعرف أنه لم يبق في الدار أحد من أهل العدل ، ولا أحد ممن يسعه إظهار الباطل وهو مقيم على العدل ، فإذا لم يظهر أنه باق في الدار من أحد يتمسك بالعدل من أهل العدل ، وظهر الإقرار بالباطل ، ولم يشر أحد أن يقيم على العدل ولا عرف أحد بالعدل ، في سريرة ولا علانية في الدار ، كانت الدار حينئذ دار أهلها ، وكانوا الحقيقين باسمهم المتخلين له فيها ، والراضين به فيها ، وأما ما دام أحد تسعه التقية في إظهار الباطل في الدار ، ولزمه إظهار الباطل للتقية ، وهو معروف أنه إنما يظهر ذلك
مخ ۳۶