-189- نقضت أصلك أن الخروج إلى فلان وفلان ورجعت أن الخروج كان إلى سمائل وصحار ، ثم نقضت أصلك أيضا إذ قلت إنه يخرج من صحار إلى توام وجلفار . فلأي وجه وجب عليه الخروج من صحار إلى توام وجلفار ، ولم تلزمه الخروج إلى مكة على إثرهما ، أو إلى غيرهما من الأمصار ؟
فان قال : لما خرجا من المصر ، والمصر عمان زال عنه الخروج إليهما ، وكان منفسا في القعود في عمان حتى يرجعا إلى عمان ، فاذا رجعا الى عمان كان عليه أن يلقاهما .
قيل له : ومن أين لك هذا ، وهو على جملة ما تعبده الله به من علم ما جهله ، ومن هو قادر على تأدية ذلك بالأمان من الطريق والزاد والراحلة وصحة البدن .
فاذا قال لخروجهما من المصر ، وليس على من كان بعمان ، أن يخرج في طلب ما يلزمه علمه في دينه ، إلى غير عمان من الأمصار ، وإنما عليه أن يلتمس دينه من عمان فلتات بدليل على بدعتك هذه ولن تجد إلى ذلك سبيلا ، دون أن يلزمه الخروج في أثرهما إلى مكة وغيرها من الأمصار ، ولا محال ني ذلك ، أو يبطل قوله إن الخروج فى طلب العلم اللازم إلى غير بلد محدود من البلدان ، ولا من الأمصار ولا من الأشخاص ولا من الأبشار ، وليس لذلك حد دون أن يصل إلى علم ما لزمه علمه ، أو يقع له عذر من الله ، من عجز عن التماس ذلك من مرض في بدنه ، أو خوف على نفسه ، أو عدم من الزاد والراحلة ، أو عذر من المعاذير التي يجب له بها العذر ، وأن الخروج إلى رجل بعينه أو بلد بعينه باطل وبدعة وضلالة ، ولا يجوز غير ذلك ، لأنه الحق والعدل والصراط المستقيم .
ويقال له : مع ذلك فإن كان له عذر في لقائهما ، أو قد خرجا من عمان ، فما الذي يسعه من أمره ، أيجوز له أن يرجع إلى بلده ووطنه ومنزله
مخ ۱۹۰